للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ولأئمة المسلمين) الأئمة جمع إمام، والإمامة قسمان: إمامة الدين، وإمامة السلطة، فالإمامة في الدين هي بيد العلماء، والإمامة في السلطة هي بيد ولاة الأمور (١).

فالنصيحة للعلماء هي أخذ العلم عنهم ومعرفة قدرهم وفضلهم ومكانتهم في المجتمع وتنبيههم إذا وقعوا في خطأ بالحكمة والأسلوب الحسن، ومن النصح لهم أن يدافع الإنسان عن أعراضهم، وألا يتتبع زلاتهم وسقطاتهم فهم غير معصومين.

وأما النصيحة لولاة الأمور فهي السمع والطاعة لهم بالمعروف، ومعاونتهم على الحق وأمرهم به، وعدم الخروج عليهم، وإعلامهم بما غفلوا عنه برفق ولطف، وأن يكف عن مساويهم، وألا يُغَرُّوا بالثناء الكاذب عليهم، ويدعى لهم بظهر الغيب بالصلاح والتوفيق والهداية.

قوله: (وعامتهم) أي: عامة المسلمين، وهم من لم يكن أميرًا ولا عالمًا، ولم يعد اللام مرة أخرى لكونهم تبعًا لأئمتهم لا استقلال لهم، ومعنى نصيحتهم: محبة الخير لهم، وإرشادهم إلى ما يصلح دينهم ودنياهم بتعليم جاهلهم، وإرشاد ضالهم، وإعانتهم، وتَخَوُّلُهم بالموعظة الحسنة، والإحسان إليهم، وكف الأذى عنهم.

° الوجه الرابع: في هذا الحديث بيان فضل النصيحة وأن الدين كله نصيحة؛ لأن النصيحة هي أساس الدين وعماده، وهي من أعظم مكارم الأخلاق، ومن أعظم خصال المؤمن، ومن الدلائل على صفاء قلبه، ومحبته الخير لإخوانه المسلمين، وببذل النصيحة تصلح المجتمعات، وتصلح الأسر، ويصلح الأفراد، وبالغفلة عنها والتساهل فيها تكثر الشرور ويعم الفساد.

وقد عد العلماء هذا الحديث من ركائز الإسلام ومبانيه العظام، قال ابن حجر: (هذا الحديث من الأحاديث التي قيل فيها: إنها أحد أرباع الدين) (٢)،


(١) "دليل الفالحين" (١/ ٤٦٠).
(٢) "فتح الباري" (١/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>