للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال النووي: (وأما ما قاله جماعات العلماء أنه أحد أرباع الإسلام؛ أي: أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام فليس كما قالوا، بل المدار على هذا وحده) (١) يريد بذلك أن عماد الدين وقوامه هو النصيحة كما تقدم.

° الوجه الخامس: في الحديث بيانٌ لمن تكون النصيحة وبيانٌ لمراتبهم، وكون النصيحة بأنواعها الخمسة من الدين يضفي عليها ثوب العبادة، فيتقرب بها المسلم إلى الله تعالى مع الإخلاص وسلوك الأساليب المناسبة لكل مقام.

قال ابن بطال: (النصيحة فرض يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين، والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، وأما إن خشي الأذى فهو في سعة فيها) (٢).

° الوجه السادس: للنصيحة شروط تستفاد من عمومات الأدلة ومقاصد الشريعة، ينبغي مراعاتها، ليتحقق الغرض المقصود، ويستفيد الناصح والمنصوح، وأهم هذه الشروط:

١ - الإخلاص لله تعالى، وذلك بأن يكون القصد من النصيحة نفع المنصوح، وحثه على الخير وتحذيره من ضده، ومن علامة الإخلاص حرص الناصح على هداية المنصوح وإصلاحه، وترك المحاباة والمجاملة في النصيحة، وذلك بإهمال النصيحة أو التراخي فيها لقرابة أو صداقة أو نحو ذلك.

٢ - أن يكون الناصح عاملًا بما يقول، بأن يكون ملتزمًا بما ينصح به، لا يخالف قوله فعله؛ لأن من الممقوت شرعًا وعقلًا أن ينصح الإنسان عن شيء هو واقع فيه، وقد ذم الله تعالى هذا بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف: ٢ - ٣].


(١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٣٩٦).
(٢) "شرح ابن بطال" (١/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>