للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثاني: الحديث دليل على فضل تقوى الله تعالى، وأنها سبب دخول الجنة، والتقوى وصية الله تعالى لجميع خلقه، ووصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّينَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: ١٣١]، وقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة: ٩٦]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" (١) بل هي دعوة الأنبياء، فكل نبي يقول لقومه: {أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: ١٠٦]، وهي شعار الأولياء {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)} [يونس: ٦٢ - ٦٣].

وقد ذكر الله تعالى التقوى في آيات كثيرة جدًّا، جَلَّى فيها صفات أهلها، وأشاد بذكرهم، وبين ما عُلِّق على التقوى من خير، وما وُعِدَ عليها من ثواب، وما ارتبط بها من بشارات.

ولهذا كان السلف الصالح يتواصون بالتقوى، ويوضحون معالمها، فعن عاصم الأحول قال: لقي بكر بن عبد الله طلق بن حبيب، فقال له بكر: صف لنا من التقوى شيئًا يسيرًا نحفظه، فقال: (اعمل بطاعة الله، على نور من الله ترجو ثواب الله، والتقوى: ترك المعاصي على نور من الله، مخافة عقاب الله) (٢). وهذا من أحسن ما عرفت به التقوى.

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل: (أوصيك بتقوى الله: الذي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل) (٣).

وقال له رجل أوصني، قال: (أوصيك بتقوى الله وإيثاره تَخِفُّ عليك المؤونة، وتحسن لك من الله المعونة) (٤) فعلى المسلم أن يحرص على تحقيق


(١) رواه البخاري (٢٥٨٧)، ومسلم (١٦٢٣) وتقدم في باب "الهبة".
(٢) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص (٤٧٣ - ٤٧٤)، وابن أبي شبية (١١/ ٢٣ - ٢٤)، وأبو نعيم في "الحلية" (٣/ ٦٤).
(٣) رواه أبو نعيم (٥/ ٢٦٧).
(٤) رواه أبو نعيم (٥/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>