للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذه الخصلة العظيمة، وأن يتزود بها، فهي خير حلية، وهي خير زاد، فيتقي الله تعالى في نفسه، ويتقيه في أهله، ويتقيه في الناس أجمعين.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل حسن الخلق، وذلك بحسن المعاملة مع الخلق بالأقوال الطيبة والأفعال الحميدة ولين الجانب، وأن ذلك من أعظم أسباب دخول الجنة.

قال بعض العلماء: (إن الأخلاق الصالحة ثمرة العقول الراجحة، فمن لقي الناس بالإحسان، وعاملهم بالأخلاق الحسان، فهو الذي يَخِفُّ عليهم جانبه، وتُحمد أنحاؤه ومذاهبه، ولن يَعْدَمَ منهم حسن الثناء، ومن الله جزيل الجزاء) (١).

وقد ذكر الحافظ ابن رجب أن الخلق الحسن والمعاملة الطيبة من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به، وإنما أُفرد بالذكر للحاجة إلى بيانه؛ لأن كثيرًا من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحقوق الله تعالى، دون حقوق عباده، ثم قال رحمهُ اللهُ: (كثيرًا ما يغلب على من يعتني بالقيام بحقوق الله، والانعكاف على محبته وخشيته وطاعته، إهمال حقوق العباد بالكلية أو التقصير فيها، والجمعُ بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز جدًّا، لا يقوى عليه إلا الكُمَّل من الأنبياء والصديقين) (٢).

وبقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمهُ اللهُ: (حسن الخلق وسوء الخلق: يكون مع الله ومع خلقه، فحسن الخلق مع الله القيام بعبوديته ظاهرًا وباطنًا مع قوة محبته والطمأنينة إليه واللهج بذكره وقوة الثقة به، ومع الخلق بذل الإحسان لهم ومنع الأذى عنهم واحتمال الأذى منهم، وسوء الخلق بعكس ذلك كله) (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "عين الأدب والسياسة" ص (١٢٨).
(٢) "جامع العلوم والحكم" شرح الحديث (١٨).
(٣) "تيسير اللطيف المنان" ص (٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>