للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية التحدث بنعم الله تعالى لا على سبيل الافتخار؛ ولكن إظهاراً لنعمة الله تعالى واستجلاباً لشكره عليها، قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١١]، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي، ولا أقول فخراً .. » (١)، وفي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «التحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر» (٢)، قال بعض السلف: (من كتم النعمة فقد كفرها، ومن أظهرها ونشرها فقد شكرها).

الوجه الرابع: الحديث دليل على فضيلة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأمته حيث إن الله تعالى منّ عليه وعلى أمته بخصائص وفضائل، لم تكن لأحد من الأنبياء ولا لأممهم، ومفهومه أنه لم يختص بغير الخمس المذكورة، لكن ذِكْرُ العدد لا يدل على الحصر؛ لأن هناك خصائص غير ما ذكر في هذا الحديث، ففي حديث حذيفة: «فُضّلنا على الناس بثلاث» وسيأتي - إن شاء الله ـ، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «فُضِّلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونُصرت بالرعب، وأحلَّت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون» (٣)، وحديث علي رضي الله عنه: «أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء»، وسيأتي - أيضاً إن شاء الله تعالى ـ، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه، وفيه ( … فأُعطي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثاً: أُعطي الصلوات الخمس، وأُعطي خواتيمَ سورة البقرة، وغُفِرَ لمن لم يشرك بالله من أمته شيئاً المُقْحِمَاتُ) (٤).

فمن يقول بمفهوم العدد يقول: لعله أُطْلع أولاً على ما اختص به، ثم أُطلع على الباقي، وقد ذكر الحافظ سبع عشرة خصلة، استنبطها من


(١) أخرجه أحمد (٤/ ١١٩)، وهو حديث حسن بطرقه وشواهده.
(٢) أخرجه أحمد (٣٠/ ٣٩٠)، وحسنه الألباني في "الصحيحة" (٦٦٧).
(٣) أخرجه مسلم (٥٢٤).
(٤) أخرجه مسلم (٢٧٩) (١٧٣) والمقحمات بضم الميم: هي الذنوب التي تقحم صاحبها في النار، أي: تلقيه فيها، انظر: "إكمال المعلم" (١/ ٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>