للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأحاديث، وقال: (يمكن أن يوجد أكثر من ذلك لمن أمعن التتبع) (١).

وقد عني العلماء بموضوع الخصائص، وأفردت لها مؤلفات مستقلة؛ ومنها: كتاب «غاية السول في خصائص الرسول صلّى الله عليه وسلّم»، لابن الملقن وهو مطبوع في مجلد، وكتاب: «الخصائص الكبرى» للسيوطي، وقد تحدث عنه في حاشيته على النسائي، وهو - أيضاً - مطبوع (٢).

الوجه الخامس: الحديث دليل على أن من وسائل النصر على الأعداء إلقاء الرعب في قلوبهم ولو كان بينهما مسافة شهر، وهذا النصر ثابت للنبي صلّى الله عليه وسلّم وهو من تأييد الله له، وهذه الخصلة ترجى لمن أخذ بسنته وتابعها واستقام عليها واهتدى بهديه ظاهراً وباطناً من ولاة الأمور (٣).

الوجه السادس: الحديث دليل على جواز التيمم على كل أرض طاهرة لقوله: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) فسمى الأرض طهوراً كالوضوء، فدل على أن التراب طهور كالماء، و (أل) في الأرض للاستغراق، فيشمل كل أرض، سواء أكانت ترابية أم رملية أم صخرية، وسواء كانت يابسة أم نديَّة، فالإنسان يتيمم في الأرض التي هو فيها، مهما كان نوعها.

وقد ثبت في حديث أبي الجهم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم تيمم على الجدار (٤)؛ لأنه متصل بالأرض، وهو من جنسها، فإن كان الجدار مكسوّاً بالأخشاب أو الدهان وكان عليه غبار جاز التيمم به، ولا حرج إذا لم يجد صعيداً ويكون كالذي يتيمم على الأرض؛ لأن التراب أو الغبار من مادة الأرض، أما إذا لم يكن عليه تراب فإنه ليس من الصعيد فلا يتيمم عليه، وكذا يقال في الفُرُشِ.

الوجه السابع: الحديث دليل على جواز الصلاة على كل مكان من الأرض، لما تقدم من الاستغراق في قوله: «الأرض»، لكن هذا من العام المخَصَّص، فيخرج من هذا العموم ما استثناه الشرع، كالمكان النجس


(١) "فتح الباري" (١/ ٤٣٩).
(٢) انظر: "سنن النسائي" (١/ ٢١٠).
(٣) انظر: "بهجة قلوب الأبرار" للسعدي ص (٧٤).
(٤) تقدم تخريجه في آخر الكلام على الحديث (٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>