وقد رواه الترمذي (٢٥٠٧)، وأحمد (٩/ ٦٤) من طريق شعبة، عن سليمان الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن شيخ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أُراه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"المسلم إذا كان يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس. . ." الحديث.
قال الترمذي:(قال ابن عدي -أحد شيوخ الترمذي فيه-: كان شعبة يرى أنه ابن عمر)، وقد مرَّ في إسناد ابن ماجه التصريح بذلك.
ورواه البخاري في "الأدب المفرد"(٣٨٨) من طريق آدم قال: حدثنا شعبة به، إلا أنه قال: عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"، وهذا سند صحيح، والشك فيمن روي عنه هذا الحديث من الصحابة لا يضر، فإنهم كلهم عدول، على أنه قد ورد في بعض المصادر بلا شك (١)، وسليمان الأعمش مدلس، لكنه صرح بالسماع من يحيى بن وثاب عند الإمام أحمد في "المسند"، وعند أبي داود الطيالسي (٣/ ٣٩٩) وغيرهما.
وبهذا يتبين أن لفظ "البلوغ" هو لفظ البخاري في "الأدب المفرد" وليس لفظ ابن ماجه.
° الوجه الثاني: الحديث دليل على فضل مخالطة الناس والاجتماع بهم وأن المؤمن الذي يداخل الناس ويجتمع بهم ويصبر على ما يصيبه من الأذى بسبب نصحهم وتوجيههم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس بل ينفرد عن مجالستهم وينزوي عنهم؛ لأنه لا يصبر على أذاهم.
وقد اختلف العلماء في العزلة والمخالطة أيهما أفضل للمؤمن على قولين:
الأول: استحباب العزلة، وهذا رأي سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن