للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (ما جلس قوم مجلسًا) لفظ (القوم) اسم جنس جمعي يصدق على ثلاثة فأكثر، وهم جماعة الرجال في الأصل دون النساء، لكن في عامة القرآن ومثل هذا الحديث يراد به العموم من الرجال والنساء، وحقيقته للرجال، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في كتاب "القضاء".

وقوله: (مجلسًا) نكرة في سياق النفي، فيعم جميع المجالس: المساجد وغيرها، إلا أن المساجد أفضل لشرفها؛ إذ العبادة فيها أفضل من غيرها، وقد جاء التنصيص عليها في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي تقدم في باب (البر والصلة) وفيه: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله. . ." (١)، وذكر النووي أن التقييد في هذا الحديث خرج مخرج الغالب لا سيما في الزمان الأول، فلا يكون له مفهوم يعمل به (٢).

قوله: (يذكرون الله) الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره، فيشمل الموعظة ودروس العقيدة والفقه والحديث وغيرها، وكذا المحاضرة وغيرها مما فيه ذكر الله تعالى (٣)؛ لأن ما ذكر في الحديث من الفضائل مرتب على الاجتماع على الذكر مطلقًا، وأما ما ورد في حديث أبي هريرة المذكور من تلاوة كتاب الله فهو من باب ذكر العام ببعض أفراده، وهو لا يقتضي التخصيص كما علم في الأصول، وإنما ذلك لكمال الفضل في تلاوة القرآن ومدارسته، على أن الحافظ ابن حجر يميل إلى أن المراد بمجالس الذكر المجالس المشتملة على ذكر الله تعالى أو تلاوة كتابه والدعاء بخير الدنيا والآخرة، وأما دخول الدروس العلمية ففيه نظر (٤)، هكذا قال، مع أن دخولها ظاهر جدًّا، والله أعلم.

قوله: (إلا حَفَّتْ بهم الملائكة) هكذا في المخطوطة وفي بعض نسخ "البلوغ" وفي بعضها: "حفَّتهم الملائكة" وهو المثبت في "الصحيح" وهو


(١) "صحيح مسلم" (٢٦٩٩).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٢٥/ ١٧).
(٣) انظر: "المفهم" (٧/ ١١).
(٤) انظر: "فتح الباري" (١١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>