كانت كل خصلة من هذه الخصال العظيمة كافية في انفرادها على إثارة الرغبة والنشاط إلى مجالس الذكر فكيف باجتماعها؟! فلا ينبغي للمؤمن الموفق الحريص على نفع نفسه أن يفرط في مجالس الذكر؛ لأن مجالس الذكر هي مجالس الملائكة، وفيها اشتغال بالذكر عن الكلام الباطل من الغيبة والنميمة واللغو ومدح الناس وذمهم وغير ذلك مما فيه كسب الإثم وإضاعة الأوقات.
وهذا يؤكد أنه ينبغي أن تكون المجالس في المساجد أو غيرها عامرة بذكر الله تعالى ودعائه واستغفاره، وألا يغلب عليها اللغو والهزل ولا سيما أن الناس في هذا الزمان كثر فراغهم وقتل أوقاتهم ووجدت الأماكن التي يقضى فيها هذا الفراغ كساعات الليل الطوال.
° الوجه الرابع: الحديث دليل على وجود الملائكة وأن لهم أعمالًا يقومون بها، ومن ذلك الملائكة الموكلون بحلق الذكر، وهم زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق، ولا وظيفة لهم إلا حلق الذكر، وفي هذا دليل على محبة الملائكة بني آدم واعتنائهم بهم، كما أن فيه دليلًا على أن الأعمال الصالحة كمجالس الذكر تقرب الملائكة منا وتقربنا منهم، وفي حديث أبي هريرة المتقدم بلفظ مسلم:"إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فُضُلًا يتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذكر، قعدوا معهم وحَفَّ بعضهم بعضًا بأجنحتهم حتى يملؤا ما بينهم وبين السماء الدنيا. . .". والله تعالى أعلم.