للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولعل الحافظ اقتصر على رواية مسلم؛ لأنها أتمُّ من رواية البخاري، حيث لم يُذكر فيها التراب، وإلا فالحديث أصله في الصحيحين، ولفظه: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات»، زاد مسلم: «أولاهن بالتراب» وله شاهد من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفّروه الثامنة بالتراب» أخرجه مسلم (٢٨٠) (٩٣).

وأخرجه الترمذي برقم (٩١) من طريق أيوب، عن ابن سيرين، به، ولفظه: «يُغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات، أُولاهن أو أخراهن بالتراب، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة»، وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (طهور إناء أحدكم) بضم الطاء، ويجوز فتحها؛ أي: مطهِّر، وهو مبتدأ، خبره المصدر المؤول في قوله: «أن يغسله» أي: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب غَسْلُهُ سبع مرات.

قوله: (إذا ولغ فيه الكلب) يقال: وَلَغَ الكلب يلَغُ، بفتح اللام فيهما، ولَغاً وولوغاً، وحُكي في المضارع كسر اللام: إذا شرب أو أدخل طرف لسانه وحركه، وفي رواية لمسلم: «إذا شرب»، و (أل) في الكلب للاستغراق، فيشمل جميع أنواع الكلاب على ما رجحه أبو عبيد (١)؛ لأنه صيغة عموم، فلا يجوز تخصيصها إلا بمخصص من الشارع، وعليه فلا فرق بين الكلب المأذون فيه، ككلب الصيد وحراسة الماشية والزرع، وغير المأذون فيه، وهو ما عداها (٢).

قوله: (سبع مرات) منصوب على أنه مفعول مطلق نائب عن المصدر، والأصل فليغسله مراتٍ سبعاً؛ أي: غسلاً سبعاً، كقوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤].

قوله: (أولاهن بالتراب) صفة لسبع مرات، والباء في قوله: (بالتراب) للمصاحبة؛ أي: مع التراب.


(١) انظر: "الطهور" ص (٢٧٠).
(٢) في هذه المسألة بحث سيأتي -إن شاء الله- في أول كتاب "الصيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>