للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على نجاسة الكلب، لقوله: «طهور إناء أحدكم»، ولفظ الطهور لا يكون إلا من حدث أو نجاسة، ولا يتصور وجود الحدث على الإناء، فلم يبق إلا النجاسة، ولأنه أمر بإراقة ما في الإناء - كما سيأتي إن شاء الله ـ، وإذا كان هذا كله في فم الكلب وهو أطيب ما فيه لكثرة ما يلهث، فبقية أجزائه من باب أولى.

وقد رَدَّ ابن دقيق العيد على من حمل أحاديث الولوغ على التعبد فقال: ( .. والحمل على التنجيس أولى؛ لأنه متى دار الحكم بين كونه تعبداً، وبين كونه معقول المعنى، كان حمله على كونه معقول المعنى أولى؛ لندرة التعبد بالنسبة إلى الأحكام المعقولة المعنى) (١).

الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب تطهير ما ولغ فيه الكلب سبع مرات؛ لأن نجاسة الكلب أغلظ النجاسات، ولعابه وكل ما يخرج من بدنه من بول أو عرق وغيرهما نجس.

وظاهر حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن الغسل ثمان؛ لأنه قال: «وعفروه الثامنة بالتراب»، فيكون دليلاً على وجوب الغسلة الثامنة، قال ابن عبد البر: (بهذا الحديث كان يفتي الحسن البصري، أن يُغسل الإناء سبع مرات والثامنة بالتراب، ولا أعلم أحداً كان يفتي بذلك غيره) (٢)، وتبعه على ذلك ابن دقيق العيد (٣)، ولعل ابن عبد البر يريد من المتقدمين، وإلا فهو رواية عن الإمام أحمد، كما في «المغني» (٤)، وعن مالك كما في «التلخيص» (٥).

فمن أهل العلم من رجح حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأن الغسلات سبع، وأجاب عن حديث ابن مغفل بأجوبة منها:

أن جعلها ثامنة لأن التراب جنس غير جنس الماء، فجعل اجتماعهما في المرة الواحدة معدوداً باثنين، فكأن التراب قائم مقام غسلة، فسميت ثامنة.


(١) "شرح العمدة" (١/ ١٤٥).
(٢) "التمهيد" (١٨/ ٢٦٦).
(٣) "شرح العمدة" (١/ ١٥٥).
(٤) "المغني" (١/ ٧٣).
(٥) "التلخيص" (١/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>