للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: وأبو هريرة أحفظ مَنْ روى الحديث في دهره، فروايته أولى.

ومنهم من رجح رواية ابن مغفل رضي الله عنه؛ لأنه زاد الغسلة الثامنة، والزيادة مقبولة خصوصاً من مثله، وهذا لا بأس به؛ لأنه أَخْذٌ بظواهر النصوص، وفيه معنى الاحتياط.

الوجه الخامس: تعدد الغسلات خاص بنجاسة الكلب، ولا يقاس عليه غيره كالخنزير؛ لأن العبادات توقيفية، وهذه أمور لا تدرك بالرأي والقياس، ولم يأت في غير الكلب تعدد الغسل، والخنزير مذكور في القران وموجود في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يرد إلحاقه، فنجاسته كنجاسة غيره.

أما بقية النجاسات فالواجب فيها غسلة واحدة، تذهب بعين النجاسة وأثرها، فإن لم تذهب زاد حتى يذهب أثرها، ولو جاوز السبع، سواء أكان ذلك في الأرض أم الثوب أم الفرش أم الأواني، وهذا قول الجمهور، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أصاب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه، ثم لتنضحه بماء ثم لتصلِّ فيه» (١). ولم يأمر فيه بعدد، ولو أراده لبينه، كما في حديث الولوغ، ولأن المقصود إزالة النجاسة، فمتى زالت زال حكمها.

الوجه السادس: نص النبي صلّى الله عليه وسلّم على الولوغ لأنه هو الغالب، إذ أن الكلب لا يجعل بوله أو رجيعه في الأواني، وما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، فتكون نجاسة الكلب عامة لجميع بدنه، وتغسل بهذه الصفة المذكورة، وهذا قول الجمهور.

وقالت الظاهرية: إن الغسل سبعاً خاص بنجاسة الولوغ، أما بوله أو روثه أو دمه أو عرقه فكسائر النجاسات، قال النووي: (وهذا متجه، وهو قوي من حيث الدليل) (٢)، واختاره الشوكاني (٣)، قالوا: لأن قوله: «إذا ولغ أو إذا


(١) أخرجه البخاري (٢٧٧)، ومسلم (٢٩١)، وسيأتي الكلام عليه برقم (٣٠).
(٢) "المجموع" (٢/ ٥٨٦)، وقد وصف هذا القول في "روضة الطالبين" (١/ ٣٢) بأنه وجه شاذ في مذهب الشافعية.
(٣) "السيل الجرار" (١/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>