للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاستغفار: "أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي" فلا يري نفسه إلا مقصرًا مذنبًا، ولا يري ربه إلا محسنًا متفضلًا) (١).

* الوجه السادس: الحديث دليل علي إثبات قوة العبد وقدرته واستطاعته، وأنه غير مجبور علي ذلك، بل له استطاعة هي مناط الأمر والنهي، والثواب والعقاب، وفي هذا رد علي القدرية المجبرة الذين يقولون: إن العبد مجبر علي عمله، وليس له فيه إرادة ولا قدرة، وإنما يعاقبه الله علي فعله هو، لا علي فعل العبد. وهذا مذهب باطل يرده الشرع والعقل والواقع أما الشرع فإن الله تعالى أثبت للعبد إرادة ومشيئة، وأضاف العمل إليه، قال الله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: ١٥٢] وقال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: ٢٩].

وأما الواقع فإن كل إنسان يعلم الفرق بين أفعاله الاختيارية التي يفعلها بإرادته كالأكل والشرب والبيع والشراء، وبين ما يقع عليه بغير إرادته كالارتعاش من الحُمَّى والسقوط من السطح، فهو في الأول فاعل مختار بإرادته من غير جبر، وفي الثاني غير مختار ولا مريد لما وقع عليه (٢). والله تعالي أعلم.


(١) "شفاء العليل" (٢/ ٧٢٢) وقد جاء فيه: (وصدقه عليه .. ) والمثبت من طبعة مصرية قديمة ص (١٦٦).
(٢) "المجموعة العلية" ص (٥٦)، "نبذة في العقيدة الإسلامية" ص (٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>