للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الآخرة (١)، فتكون كالتي قبلها، نكرة مراد بها الإطلاق فتنصرف إلي الفرد الكامل المراد به الرحمة والإحسان (٢).

قوله: (وقنا عذاب النار) هذا تخصيص بعد تعميم، لأنه هو الفوز؛ أي: واحفظنا وأجرنا من عذاب النار وذلك بتيسير أسباب النجاة منها في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام، وترك الشبهات والحرام (٣).

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على استحباب وفضل الدعاء بهؤلاء الدعوات العظيمة؛ لأنها من جوامع الدعاء التي تتضمن خير الدنيا والآخرة، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر من هذا الدعاء، وجاء من دعاء موسى - عليه السلام -: {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الْغَافِرِينَ (١٥٥) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيكَ} [الأعراف: ١٥٥، ١٥٦].

وقد عمل بهذا الحديث أنس - رضي الله عنه - فقد كان إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بذلك، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بهذه الدعوة في جملة دعائه، اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لإكثاره منها، لقلة ألفاظها وإحاطتها بخير الدارين (٤).

وروي أبو داود (٥)، والنسائي (٦)، وابن خزيمة (٧)، وأحمد (٨) من طريق ابن جريج، حدثني يحيى بن عبيد مولى السائب، أن أباه أخبره، أن عبد الله بن السائب أخبره، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول فيما بين ركن بني جُمَحٍ والركن الأسود: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة … " (٩). وروي عبد الرزاق والبيهقي أن عمر - رضي الله عنه - كان يقول في الطواف: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة،


(١) انظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٥٦).
(٢) "روح المعاني" (٢/ ٩١).
(٣) "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٥٦).
(٤) "دليل الفالحين" (٤/ ٢٨٣).
(٥) "السنن" (١٨٩٢).
(٦) "السنن الكبرى" (٤/ ١٢٩).
(٧) "صحيح ابن خزيمة" (٢٧٢١).
(٨) "المسند" (٢٤/ ١١٩).
(٩) في سنده عبيد مولى السائب بن أبي السائب، وهو مجهول، لم يرو عنه سوى ابنه يحيي، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٥/ ١٣٩). انظر: "تهذيب الكمال" (١٩/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>