للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وما أسررت وما أعلنت) أي: وما فعلته مخفيًا له عن أعين الناس، وما أظهرته لهم.

قوله: (وما أنت أعلم به مني) أي: من المعاصي والسيئات والتقصير في الطاعات، وهذا تعميم بعد تخصيص -أيضًا-.

قوله: (أنت المقدم) أي: أنت تقدم من تشاء من عبادك إلى الجنة بتوفيقه للعمل الصالح وإعانته عليه.

قوله: (وأنت المؤخر) أي: لمن تريد إلى النار بالخذلان والابتعاد عن صالح الأعمال (١).

والمقدم والمؤخر من أسماء الله تعالى الحسنى المتقابلة التي لا يطلق واحد بمفرده على الله تعالى إلا مقرونًا بالآخر؛ لأن الكمال في اجتماعهما.

وهذا التقديم قد يكون كونيًّا كتقديم بعض المخلوقات على بعض وتأخير بعضها على بعض. وقد يكون شرعيًّا، كتفضيل الأنبياء على الخلق، وتفضيل بعضهم على بعض، وتفضيل بعض العباد على بعض في العلم والإيمان والعمل والأخلاق وسائر الأوصاف (٢).

قوله: (وأنت على كل شيء قدير) جملة مؤكدة لمعنى ما قبلها، وهي صيغة عموم؛ أي: مما ذكر ومن غيره، وقدير؛ أي: لا يعجزه شيء، والجار والمجرور متعلق بـ (قدير).

* الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب الدعاء بهؤلاء الكلمات العظيمة المشتملة على طلب المغفرة من الله تعالى وما في هذا الطلب من التواضع والانكسار بين يدي الله تعالى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر هو الذي يدعو بهؤلاء الدعوات ويقول: (وكل ذلك عندي) تواضعًا لربه وانكسارًا بين يديه وإظهارًا للعبودية وتعليمًا للأمة، فحري بالمسلم


(١) انظر: "دليل الفالحين" (٤/ ٢٩٢).
(٢) "الحق الواضح المبين" ص (١٠٠ - ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>