للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويشهد لهذا الحديث ما قبله من حديث أنس - رضي الله عنه - إلا قوله: (الحمد لله … ) إلخ لما تقدم من حال الإسناد.

ولعل الحافظ ذكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - لما فيه من الزيادة على حديث أنس - رضي الله عنه - ولا سيما قوله: (وزدني علمًا).

• الوجه الثاني: الحديث دليل على فضل الدعاء بهؤلاء الكلمات الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وهي أن يسأل الله تعالى أن ينفعه بما علمه، وذلك بالعمل بمقتضى العلم، وأن يعلمه ما ينفعه في دينه ودنياه، وذلك بألا يطلب من العلم إلا النافع وأن يزيده من العلم النافع علمًا مضافًا إلى ما علمه، ثم يختم ذلك بالثناء على الله تعالى، ووصفه بصفات الكمال، مع محبته وتعظيمه، والحمد لله على كل حال من أحوال السراء والضراء، ثم يستعين بالله تعالى من حال أهل النار من الكفر والفسق في الدنيا والعذاب في الآخرة.

وسؤال العبد ربه أن ينفعه بما علمه؛ لأن العلم الذي لا ينفع وبال على صاحبه، فلا يهذب الأخلاق، ولا ينفع في حيازة الفضل والثواب، ولهذا ثبت في "صحيح مسلم" من حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع … " (١). والعلم النافع له علامات، منها:

١ - أن له ثمرة خاصة به، وهي خشية الله تعالى. كما قال-عزَّ وجلَّ-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] قال ابن القيم: (إن الآية تقتضي الحصر من الطرفين، ألا يخشاه إلا العلماء، ولا يكون عالمًا إلا من يخشاه، فلا يخشاه إلا عالم، وما من عالم إلا وهو يخشاه، فإذا انتفى العلم انتفت الخشية، وإذا انتفت الخشية دلت على انتفاء العلم) (٢).

٢ - ومن علامة العلم النافع المسارعة إلى طاعة الله ونيل رضاه، والبعد عما يكرهه ويسخطه، قال بعض السلف: (من خشي الله فهو عالم، ومن عصاه فهو جاهل).


(١) "صحيح مسلم" (٢٧٢٢).
(٢) "شفاء العليل" (٢/ ٩٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>