للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: قال: يسقط تطهير محل الجبيرة؛ لأنه عاجز عنه، فلا مسح ولا تيمم، وهذا قول ابن حزم الظاهري، وذَكَرَ عن الشعبي ما يوافق قوله، ومثله عن داود وأصحابه، فقد قال: (برهان ذلك قول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (١)، فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء، وكان التعويض منه شرعاً، والشرع لا يلزم إلا بقرآن أو سنة، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله، فسقط القول بذلك)، وقد رد ابن حزم القول بأن مسح الجبائر مقيس على المسح على الخفين وقال: (إنه قياس باطل) (٢).

الفريق الثاني: أنه يتيمم عوضاً عما تُرك غسله، ولا يمسح على الجبيرة، وهو قول لبعض الشافعية (٣).

والأظهر في هذه المسألة والأقرب إلى القواعد بغض النظر عن الأحاديث الواردة في الباب أنه يمسح على الجبائر وما في بابها، وهو قول الجمهور من الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية، واختاره ابن المنذر (٤) وحكاه عن ابن عمر وعطاء وعبيد بن عمير وإبراهيم والحسن وجماعة آخرين، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٥).

ويؤيد هذا القول ما يلي:

١ - القياس على المسح على الخفين، فإن هذا عضو وجب غسله، وسُتر بما يسوغ ستره شرعاً، فجاز المسح عليه كالخفين.

فالمسح على الخفين يقوي القول بالمسح على الجبائر؛ لأن المسح على الخفين مسح لغير ضرورة، بل هو من باب الإرفاق ورحمة الله تعالى بعباده


(١) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٧٣).
(٢) "المحلى" (٢/ ٧٤، ٧٥).
(٣) "المجموع" (٢/ ٣٢٦).
(٤) "الأوسط" (٢/ ٢٣).
(٥) "الفتاوى" (٢١/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>