للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وردّ ابن حزم هذا الاضطراب فقال: (إن هذا كله قوة للخبر، وليس هذا اضطراباً؛ لأن عروة رواه عن فاطمة وعائشة معاً، وأدركهما معاً، فعائشة خالته أخت أمه، وفاطمة بنت أبي حبيش بن المطلب بن أسد ابنة عمه، وهو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، ومحمد بن أبي عدي الثقة الحافظ المأمون .. ) (١).

أما الاختلاف في المتن فقد ورد الحديث في الصحيحين، وليس فيه قوله فإنه: «أسودُ يُعْرَفُ» كما أن السياق المذكور صريح باعتبار التمييز لا العادة، وظاهر قصة فاطمة في الصحيحين أنه صلّى الله عليه وسلّم ردها إلى العادة، ولا يمكن التعدد في هذه القصة، وقد ورد في الصحيحين من طريق هشام، عن عروة، عن عائشة قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش: يا رسول الله، إني لا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما ذلكِ عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي»، وهذا لفظ البخاري (٢).

قال ابن رجب: (والأظهر - والله أعلم - أن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما ردها إلى العادة لا إلى التمييز، لقوله: «فإذا ذهب قدرها») (٣).

وعلى هذا فقوله في حديث الباب فإنه: «أسود يعرف»، لم يرد في الصحيحين، بل انفرد به محمد بن عمرو، وهو ممن لا تحتمل مخالفته، ولذا قال أبو حاتم: (لم يُتَابَعْ محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر) (٤)، وظاهره أن المقصود المتن.

وقال النسائي بعد سياقه الحديث: (وقد روى هذا الحديث غير واحد، لم يذكر أحد منهم ما ذكره ابن أبي عدي، والله تعالى أعلم) (٥).

والحديث صححه جماعة، منهم: ابن حبان، والحاكم، وقد صححه


(١) انظر: "المحلى" (٢/ ١٦٨) "تهذيب مختصر السنن" (١/ ١٨٢).
(٢) "صحيح البخاري" (٣٠٦) و "صحيح مسلم" (٣٠٣).
(٣) "فتح الباري" لابن رجب (٢/ ٥٨).
(٤) "العلل" (١/ ٤٩).
(٥) "سنن النسائي" (١/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>