للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (إنما هي ركضة من الشيطان) هذا لفظ الترمذي، وعند أبي داود «إنما هي ركضة من ركضات الشيطان»، وأصل الركض: الضرب بالرجل، والإصابة بها لقصد الإضرار والأذى، ومعناه - والله أعلم - أن الشيطان قد وجد بذلك طريقاً إلى التلبيس عليها في أمر دينها ووقت طهرها وصلاتها حتى أنساها ذلك عادتها، فكأنها ركضة نالتها من ركضاته، وقيل: هو حقيقة وأن الشيطان ضربها حتى فتق عرقها.

قوله: (فتحيَّضي ستة أيام أو سبعة) يقال: تحيَّضت المرأة: إذا قعدت أيام حيضها تنتظر انقطاعه، أراد: عُدّي نفسك حائضاً، وافعلي ما تفعل الحائض، وإنما خص الست والسبع لأنهما الغالب على أيام الحيض، و (أو) في الحديث ليست للتخيير، وإنما هي للاجتهاد بأن تنظر إلى الأقرب ممن يشابهها خلقةً ويقاربها سناً ورحماً، فتجعل حالها كحالها، فإن كان الأقرب ستة جعلته ستة، وإن كان الأقرب سبعة جعلته سبعة.

قوله: (فإذا استنقأت فصلي … ) هكذا بالهمزة عند أبي داود والترمذي وغيرهما، وقد جاء بالياء (استنقيت) عند الدارقطني (١)، قالوا: وهو القياس؛ لأنه من نَقِيَ الشيء ينقى، من باب تعب، نقاءً ونقاوة: نظف، وتقول: نقيته وأنقيته: إذا نظفته، قال المطرِّزي: (والاستنقاء المبالغة في تنقية البدن، قياس، ومنه قوله: «فإذا رأيت أنك طهرت واستنقيت فصلي» والهمزة فيه خطأ) (٢).

والحق أنه ليس خطأ، فإن هَمْزَ ما ليس بمهموز كثير في كلام العرب، فقد نقل السيوطي عن يونس أنه قال: (أهل مكة يخالفون غيرهم من العرب فيهمزون: النبي، والبرية، والذرية، والخابية) (٣)، ونقل الجوهري عن ابن السكيت أنه قال: (قالت امرأة من العرب: (رثأت زوجي بأبيات) وهَمَزَتْ، وقال الفراء: (ربما خرجت بهم فصاحتهم إلى أن يهمزوا ما ليس


(١) "سنن الدارقطني" (١/ ٢١٤).
(٢) "المغرب" ص (٤٦٥).
(٣) "المزهر" (٢/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>