للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما نقله الترمذي - هنا - عن الإمام أحمد يخالف ما نقله عنه أبو داود، كما تقدم قريباً، فإن قلنا بالترجيح فنقْلُ أبي داود أرجح؛ لأنه من تلاميذ الإمام أحمد الملازمين له، وله عنه كتاب «المسائل» المشهور، وإلا فقد يكون كلام أبي داود متقدماً؛ لأن ابن رجب ذكر أن الإمام أحمد ضعَّف الحديث ولم يأخذ به، ثم ذكر عن أبي بكر الخلال أن الإمام رجع إلى القول بحديث حمنة والأخذ به (١).

على أن القول بالحديث والأخذ به لا يعني الحكم بالصحة ما لم يصرح المحدث بأن الحديث صحيح، وهذا موجود في جامع الترمذي، ففيه أحاديث ضعيفة، ثم يذكر أن العمل عليها عند أهل العلم، وهذا لا يعني صحتها.

والأظهر أن هذا الحديث ضعيف، لأن مداره على ابن عقيل، وهو حسن الحديث - كما قال الذهبي وغيره - إذا لم يخالف، وأما مع المخالفة فليس بحجة، وحديثه هذا مخالف للأحاديث الواردة في الصحيحين في ردِّ المستحاضة إلى عادتها، لا إلى غالب النساء كما في هذا الحديث، فتفرد ابن عقيل بمثل هذا الحكم لا يجعله مقدماً على أحاديث الصحيحين، وقد حمله بعض أهل العلم على المبتدأة التي ليس لها عادة ولا تمييز، كما سيأتي (٢).

الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قولها: (كنت أُستحاض حيضة) بفتح الحاء من (حيضة)، وهو مصدر: حاض، لا مصدر استحاض، فهو على حد: أنبته الله نباتاً، ولا يضره الفرق في اصطلاح العلماء بين الحيض والاستحاضة، إذ الكلام وارد على أصل اللغة.

قولها: (حيضة كبيرة شديدة) لفظ أبي داود والترمذي: «كثيرة شديدة» وفي نسخة للترمذي (كبيرة شديدة)، ومعنى (كثيرة أو كبيرة) أي: أيامها كثيرة أو كثيرة في كميتها، ومعنى: (شديدة) أي: في كيفيتها، بمعنى أن دمها شديد الدفق.


(١) "فتح الباري" لابن رجب (٢/ ٦٤).
(٢) انظر: "معالم السنن" (١/ ١٨٣)، "فتح الباري" لابن رجب (٢/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>