للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه التاسع: في الحديث دليل على وجوب إراقة ما في الإناء من ماء أو لبن أو غيرها، وهذا يدل على نجاسة لعاب الكلب وأن لريقه أثراً فيه، ولأن الأواني في الغالب صغيرة، والماء فيها قليل، وليس كثيراً يدفع عن نفسه النجاسة، ولو كان ما في الإناء طاهراً لم يؤمر بالإراقة؛ لأن في ذلك إتلاف المال وإضاعته، وذلك منهي عنه.

لكن قد طعن بعض الحفاظ في لفظة: «فليرقه» وقد جاءت من طريق علي بن مسهر، أخبرنا الأعمش، عن أبي رزين وأبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقد أشار الإمام مسلم إلى تفرد عليّ بن مسهر بهذه اللفظة. وقال النسائي: (لا أعلم أحداً تابع عليَّ بن مسهر على قوله: «فليرقه») (١)، وقريب من ذلك قال ابن منده (٢).

قال العراقي: (وهذا غير قادح، فإن زيادة الثقة مقبولة عند أكثر العلماء .. وعلي بن مسهر وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والعجلي وغيرهم، وهو أحد الحفاظ الذين احتج بهم الشيخان، وما علمت أحداً تكلم فيه، فلا يضر تفرده) (٣).

وقال ابن الملقن: (لا يضر تفرده بها، فإن علي بن مسهر إمام حافظ متفق على عدالته والاحتجاج به، ولهذا قال الدارقطني بعد أن رواها: «إسنادها حسن، ورواتها ثقات» (٤)، ورواها إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة في «صحيحه» (٥)، ولفظه: «فليهرقه»، وظاهر هذه الرواية: وجوب إراقة الماء والطعام … ) (٦).

والذي يظهر أن هذه اللفظة غير محفوظة، لأن مخالفة علي بن مُسهر للأكثرين الذين لم يذكروها يوجب الحكم بشذوذها، وقد قال عنه الحافظ في «التقريب» (ثقة له غرائب بعد أن أضر) وكلام الأئمة الكبار مقدم على كلام من جاء بعدهم، والله تعالى أعلم.


(١) "سنن النسائي" (١/ ٥٣).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٣٣١).
(٣) "طرح التثريب" (٢/ ١٢١).
(٤) "سنن الدارقطني" (١/ ٦٤).
(٥) "صحيح ابن خزيمة" (٩٨).
(٦) "شرح العمدة" (١/ ٣٠٦)، "البدر المنير" (٢/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>