للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تقوى على معارضة ما في الصحيحين وغيرهما من أمره صلّى الله عليه وسلّم لها بالغسل إذا أدبرت الحيضة فقط، وترك البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، كما تقرر في الأصول) (١).

الوجه الثالث: الحديث دليل على وجوب وضوء المستحاضة لوقت كل صلاة، وأنها تصلي بذلك الوضوء ما شاءت من فروض ونوافل ما لم يخرج الوقت، بناء على أن خروج دم الاستحاضة ناقض من نواقض الوضوء، وبه قالت الحنفية والحنابلة (٢)، قالوا: والمراد بكل صلاة في هذا الحديث: وقت كل صلاة؛ لأنه جاء إطلاق الصلاة على الوقت، كما في قوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث جابر المتقدم في باب «التيمم»: «فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل» أي: أدركه وقت الصلاة.

القول الثاني: أنه يجب عليها أن تتوضأ لكل فريضة، سواء أكانت مؤداة أم مقضية، وأما النوافل فلها أن تصلي بطهارتها ما شاءت، وهذا مذهب الشافعية (٣).

واستدلوا بما تقدم من قوله: «وتوضئي لكل صلاة» حيث حملوا الصلاة في الحديث على الفريضة دون النافلة.

وهذا تفريق لا دليل عليه، وصيغة العموم في الحديث تمنع من ذلك، والأصل في الشريعة استواء الفريضة والنافلة في الطهارة، ولذا قال ابن حزم: (ومن المحال الممتنع في الدين الذي لم يأت به قط نص ولا دليل أن يكون إنسان طاهراً إن أراد أن يصلي تطوعاً، ومحدثاً غير طاهر في ذلك الوقت بعينه إن أراد أن يصلي فريضة، هذا ما لا خفاء به، وليس إلا طاهرٌ أو محدث) (٤)، وعليه فهذا من أضعف الأقوال.

القول الثالث: أنه لا يجب عليها الوضوء بل يستحب؛ لأن دم


(١) "السيل الجرار" (١/ ١٤٩)، "نيل الأوطار" (١/ ٢٨٤).
(٢) "شرح فتح القدير" (١/ ١٨١)، "المغني" (١/ ٤٢١).
(٣) "المجموع" (٢/ ٥٣٧).
(٤) "المحلى" (١/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>