للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قولها: (بعد الطهر) أي: بعد انقطاع الدم ورؤية الطهر، والطهر إما أن يكون برؤية القَصَّةِ البيضاء، وهي ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، قاله الحافظ (١)، والقَصّ: هو الجصّ بلغة الحجاز (٢)، فشبه به الطهر بجامع البياض، ونقل الحافظ عن مالك قوله: (سألت النساء عنه فإذا هو معلوم عندهن يعرفنه عند الطهر)، وإما أن يكون الطهر بالجفوف، وهو أن تشعر بالطهارة إذا جفت، وعلامة ذلك أن تحتشي بالقطنة فتخرج بيضاء ليس فيها شيء من الصفرة ولا الكدرة، والنساء يختلفن في ذلك، فأكثرهن بالعلامة الأولى، وبعضهن بالثانية، والقصة البيضاء أبلغ من الجفوف.

قولها: (شيئاً) مفعول (نَعُدّ) أي: لا نعتبر الصفرة والكدرة بعد الطهر حيضاً تقعد فيه المرأة عن الصلاة والصيام وغيرها من العبادات.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن الكدرة والصفرة بعد الطهر ليست بحيض فلا يلتفت إليها، وأما إذا كان ذلك في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهو حيض، تثبت له أحكام الحيض.

وهذا مذهب الحنفية والحنابلة، وقول في مذهب المالكية، بل بعضهم جعله هو المذهب (٣).

ووجه الدلالة من حديث الباب: أن قول أم عطية: (بعد الطهر) يدل على أن ما قبل الطهر حيض، وفي رواية الدارمي: «كنا لا نعتد بالصفرة والكدرة بعد الغُسل» (٤).

قال الحافظ ابن حجر على قول البخاري (باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض): (يشير بذلك إلى الجمع بين حديث عائشة المتقدم في قولها: (حتى ترين القصة البيضاء)، وبين حديث أم عطية المذكور في هذا الباب، بأن ذلك محمول على ما إذا رأت الصفرة والكدرة في أيام الحيض، وأما في


(١) "فتح الباري" (١/ ٤٢٠).
(٢) "المصباح المنير" (٥٠٦).
(٣) انظر: "المنتقى" (١/ ١١٨)، "شرح فتح القدير" (١/ ١٦٢)، "المغني" (١/ ٤١٣).
(٤) "سنن الدارمي" (١/ ١٧٥) قال النووي في "الخلاصة" (١/ ٣٣٢): إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>