للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (إلى نصف الليل الأوسط) هكذا في رواية همام عن قتادة بلفظ (الأوسط) وجميع من روى الحديث عن قتادة عند مسلم؛ وهم هشام وشعبة والحجاج لم يذكر هذه اللفظة، قال القرطبي: (وكأن هذه الرواية وَهْمٌ؛ لأن الأوسط في المقدرات والمعدودات إنما يقال فيما يتوسط بين اثنين فأكثر، اللهم إلا أن يريد بالأوسط: الأعدل، فحينئذ يصح أن يقال: هو أوسط الشيئين، أي: أعدلهما، وهذا الشيء أوسط من هذا، أي: أعدل منه، ويمكن أن تحمل رواية تلك الزيادة على الصحة ويكون معناه: أن النصف الأول أعدل بالنسبة إلى إيقاع الصلاة فيه من النصف الآخِر، لتأدية الصلاة في الأول، وكثرة الثواب فيه) (١).

والليل في اللغة من مغرب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق أو إلى طلوع الشمس (٢).

وأما في الشرع فالظاهر أنه ينتهي بطلوع الفجر، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية (٣).

قوله: (بيضاء نقية) أي: صافية لم تصفر، وفي هذا مع حديث أبي موسى (والشمس مرتفعة) إشارة إلى بقاء حرها وضوئها.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن وقت صلاة الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء طوله بعد الظل الذي زالت عليه الشمس، ويعرف ذلك بأن يُنصب عود مستو في أرض مستوية، ويعلم على رأس الظل، فما دام الظل ينقص من الخط فالشمس لم تزل في الارتفاع، وإن وقف لا يزيد ولا ينقص فهو وقت الاستواء، فإن عاد الظل إلى الزيادة علم أن الشمس زالت، ودخل وقت الظهر، ثم تقيس من ابتداء عودة الظل، فإذا كان الظل طول الشاخص فقد خرج وقت صلاة الظهر.

والظل يقصر في الصيف لارتفاع الشمس إلى كبد السماء، ويطول في


(١) "المفهم" (٢/ ٢٣٨).
(٢) كما في "القاموس" (٤/ ١٩١) وغيره.
(٣) "الفتاوى" (٥/ ٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>