للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشتاء لمسامتتها للمنتصب، ولهذا يظهر في الشتاء ظل لكل شاخص من ناحيته الشمالية؛ لأن الشمس تميل إلى الجنوب، أما علامة الزوال بالساعة فاقسم ما بين طلوع الشمس إلى غروبها نصفين، وهذا هو الزوال.

الوجه الخامس: الحديث دليل على أن وقت صلاة العصر يبدأ من انتهاء وقت الظهر، وأنه لا فاصل بينهما ولا اشتراك، على الراجح من أقوال أهل العلم، ويمتد وقتها المختار ما دامت الشمس بيضاء نقية، فإذا اصفرت انتهى وقتها المختار؛ لقوله: (ما لم تصفر الشمس) ويدخل وقت الضرورة إلى الغروب، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» (١)، فهو نص صريح في أن وقت العصر يمتد إلى الغروب، وإنما قَدَّمَ الحافظ حديث ابن عمرو رضي الله عنهما (ما لم تصفر الشمس) لأن فيه تحديد بداية وقت العصر ونهايته، فيحمل على وقت الاختيار، ويحمل حديث أبي هريرة على الضرورة.

والمراد بالضرورة: العذر الذي لا مندوحة عنه، كالحائض تطهر في هذا الوقت، أو كافر يسلم، أو نائم يستيقظ، أو مغمى عليه يفيق، أو جريح اشتغل بتضميد جرحه، فهؤلاء يصلون ولو بعد اصفرار الشمس، وتكون صلاتهم أداء، والله أعلم (٢).

والقول الثاني وهو المشهور في كتب الفقه ككتب الحنابلة - مثلاً - أن وقت العصر المختار يمتد إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، مستدلين بحديث ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة جبريل عليه السلام بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وفيه: (ثم صلّى العصر حين كان ظل كل شيء مثل ظله … وصلى المرة الثانية حين كان ظل كل شيء مثليه) (٣).

والقول الأول هو الراجح، وهو أوسع من القول الثاني؛ لأن امتداد


(١) أخرجه البخاري (٥٧٩)، ومسلم (٦٠٨).
(٢) "المغني" (٢/ ١٦، ١٧).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٩٣)، والترمذي (١٤٩)، وأحمد (٣/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>