للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقت الاختيار إلى ما لم تكن الشمس صفراء يزيد على كون ظل الشيء مثليه؛ ووجه الترجيح ما يلي:

١ - أن حديث عبد الله بن عمرو في «صحيح مسلم»، وهو متأخر؛ لأن إمامة جبريل كانت بمكة في أول الفرض، فقد نقل الحافظ عن ابن إسحاق أن ذلك كان صبيحة الليلة التي فرضت فيها الصلاة (١).

٢ - أنه اشتمل على زيادة لم ترد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والأخذ بالزيادة لا ينافي ذلك.

٣ - أنه من قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وحديث ابن عباس فعل.

الوجه السادس: الحديث دليل على أن وقت المغرب من مغيب الشمس ويمتد إلى مغيب الشفق، وهي الحمرة في الأفق، وهذا معروف بالمشاهدة، وهو يتراوح ما بين ساعة وربع إلى ساعة ونصف تقريباً بعد غروب الشمس.

الوجه السابع: الحديث دليل على أن وقت العشاء يبدأ بعد مغيب الشفق إلى نصف الليل، فإذا انتصف الليل خرج وقت العشاء، ويعرف ذلك بحساب الساعات من الغروب إلى طلوع الفجر، فيعرف ثلث الليل ونصف الليل، وقد وقع الخلاف بين العلماء في آخر وقت العشاء على ثلاثة أقوال، ذكرها ابن رشد (٢)، وسبب الخلاف: تعدد الأحاديث، ثم الترجيح بينها.

وحديث ابن عمرو نص صريح لا يحتمل التأويل، في أن وقت العشاء يمتد إلى نصف الليل، ولم يرد ما يدل على امتداده إلى ما بعد ذلك، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: ٧٨]؛ والغسق: سواد الليل وظلمته، وهذا أشد ما يكون في منتصف الليل.

والقول الثاني: أن آخر صلاة العشاء طلوع الفجر، واستدلوا بحديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من


(١) "فتح الباري" (٢/ ٤).
(٢) "بداية المجتهد" (١/ ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>