للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخَّر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى» (١)، قالوا: هذا يدل على أن وقت كُلِّ صلاة يمتد إلى دخول وقت الصلاة الأخرى، إلا صلاة الفجر فلا يمتد وقتها إلى الظهر بالإجماع، فيكون آخر صلاة العشاء وقت طلوع الفجر.

والأول أرجح؛ لقوة دليله كما تقدم، وحديث أبي قتادة لا دلالة فيه، لأمرين:

الأول: أنه محمول على صلاتين وقتهما متصل كالظهر والعصر، ولهذا لا تدخل صلاة الفجر مع صلاة الظهر بالإجماع.

الثاني: أن الحديث ليس فيه بيان أوقات الصلاة ولا سيق من أجل ذلك، وإنما هو لبيان إثم من يؤخر الصلاة عامداً حتى يخرج وقتها؛ لأن الحديث ورد في الفجر حينما نام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه أصحابه رضي الله عنهم عنها في السفر، فلو كان الحديث لبيان ما ذكروه لكان دليلاً على امتداد وقت الصبح إلى الظهر، وهم لا يقولون به، فكيف يصح استثناؤها؟.

والقائلون بامتداد العشاء إلى طلوع الفجر يرون أن وقتها المختار إلى نصف الليل، وأما وقت الأداء فهو ممتد إلى طلوع الفجر، لكنه وقت ضرورة، وقد نص على ذلك الفقهاء، لكنه قول مرجوح، لما تقدم.

والقول الثالث: أن آخر وقت العشاء ثلث الليل مستدلين بحديث إمامةِ جبريلَ عليه السلام للنبي صلّى الله عليه وسلّم في اليوم الثاني، لقوله في حديث ابن عباس رضي الله عنهما - المتقدم - (ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل)، والذي يظهر أنه لا دليل فيه على أنه آخر وقتها إذا ما قُرن بحديث ابن عمرو، وتقدم الكلام على ذلك.

الوجه الثامن: الحديث دليل على أن وقت الصبح من طلوع الفجر الثاني حتى تطلع الشمس، ووقت الفجر منفصل عما قبله وما بعده؛ لأن بينهما وبين العشاء نصف الليل الثاني - على أحد الأقوال - وبينهما وبين الظهر نصف


(١) أخرجه مسلم (٦٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>