ولفظه:(قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً، فلما سلّم النبي صلّى الله عليه وسلّم قال للأعرابي:«لقد حجرت واسعاً»، يريد رحمة الله)، وأخرجه مسلم (٢٨٤) وفيه: (ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعاه فقال: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عزّ وجل، والصلاة، وقراءة القران»، أو كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .. ).
الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:
قوله:(أعرابي) المراد به البدوي الذي يسكن البادية، نسبة إلى الأعراب على لفظه، وإنما نسب الأعرابي إلى الجمع دون الواحد؛ لأنه جرى مجرى القبيلة كأنمار، أو لأنه لو نسب إلى الواحد وهو عرب، لقيل: عربي، فيشتبه المعنى؛ لأن العربي عام لمن سكن البادية أو الحاضرة.
قوله:(بذنوب من ماء) بفتح الذال المعجمة وضم النون، هو الدلو العظيم، ولا يسمى ذنوباً حتى يكون مُلئ ماءً، ويكون قوله:(من ماء) من باب الإيضاح والتأكيد، كقولهم: كتبت بيدي.
قوله:(فأهريق عليه) بضم الهمزة وسكون الهاء، أي: صُبَّ عليه، وهو فعل مبني للمجهول، والمبني للمعلوم: أهراق، ومضارعه: يُهْرِيق (١).
الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب العناية بالمساجد واحترامها وتنزيهها من البول والعذرة، وسائر الأقذار، وهذا يؤخذ من زجر الناس لهذا الأعرابي ومبادرتهم إلى الإنكار عليه، ولولا أن ذلك منكر عندهم لما زجروه، لكن فاتهم النظر إلى أن منعه وقطعه يؤدي إلى الضرر به، وزيادة في التنجيس لمكان اخر، فلهذا نهاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم عن زجره وأمرهم بالرفق به.
الوجه الخامس: الحديث دليل على أن الأرض إذا أصابتها نجاسة فإنها تطهر بصب الماء على المكان النجس بدون تكرار، سواء أكانت الأرض