للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رخوة أم صلبة، وشرط طهارتها أن تزول عين النجاسة، وقد أفاد قوله: (فأهريق عليه) أنه لم يحفر المكان أو ينقل ترابه أو يُحَوَّطْ عليه، بل صُبَّ عليه الماء فقط.

وهذا قول الجمهور من أهل العلم، وأما ما ورد عند أبي داود من حديث عبد الله بن معقل، وفيه: وقال - يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ: «خذوا ما بال عليه من تراب فألقوه، وأهريقوا على مكانه ماء»، فقد قال أبو داود عَقِبَهُ: (هو مرسل، ابن معقل لم يدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم) (١).

فإن كان للنجاسة جرم كعذرة أو دَمٍ جَفَّ، فلا بد من إزالة ذلك قبل تطهيرها بالماء.

الوجه السادس: وجوب المبادرة بتطهير المساجد من النجاسة إذا حصلت فيها، لقوله: (فلما قضى بوله أمر .. )؛ لأن النجاسة لو تركت قد يخفى مكانها، وقد يصلّى عليها.

وهي لا تطهر بالجفاف - عند الجمهور - سواء أكان ذلك بالشمس أم بالريح أم بالظل، قالوا: ولو كان الجفاف مطهراً لاكتفى به النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يأمر بالماء.

وقالت الحنفية: إن الجفاف يطهر الأرض، فتجوز الصلاة عليها؛ لأن النجاسة عين خبيثة نجاستها بذاتها، فإذا زالت عاد الشيء إلى طهارته.

وهذا قول قوي، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٢)، وتلميذه ابن القيم (٣)، قال شيخ الإسلام: (إنه أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وهو الصحيح في الدليل)، ثم ساق حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: (كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك) (٤)، فقد استنبط شيخ الإسلام ابن تيمية من هذا


(١) "سنن أبي داود" (٣٨١).
(٢) بدائع الصنائع (١/ ٨٥)، "الفتاوى" (٢١/ ٤٧٩).
(٣) "إغاثة اللهفان" (١/ ١٥٠).
(٤) أخرجه البخاري (١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>