للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنده «تطلع» كما تقدم، ولو ذكر الحافظ لفظ «ترتفع» كما فعل صاحب «العمدة» لكان أولى؛ لأنه أدل على المراد، فإنه مدَّ وقت النهي إلى ارتفاع الشمس الذي تزول عنده صفرتها أو حمرتها.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر يمتد حتى تطلع الشمس وترتفع، وهذا قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة وأكثر الشافعية (١)، ولهم أدلة أخرى منها حديث عقبة رضي الله عنه الاتي إن شاء الله.

وقال بعض الشافعية: إن النهي يزول إذا طلع قرص الشمس بكماله ولو لم ترتفع، أخذاً بالأحاديث التي جعلت غاية النهي فيها طلوع الشمس (٢).

والصحيح الأول؛ لأن أحاديث الارتفاع أدل على المراد، وأوضح في المقصود، وفيها زيادة علم على ما في الأحاديث الأخرى، فيجب العمل بها.

لكن ما مقدار الارتفاع؟ ورد في حديث أبي أمامة رضي الله عنه: «حتى ترتفع قِيْدَ رمح» (٣).

والرمح: قدر متر تقريباً في رأي العين، ويقدر الارتفاع بحوالي ثنتي عشر دقيقة، والاحتياط كونه ربع ساعة.


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ١٩٥)، "الشرح الصغير" (١/ ٧٩ - ٩٠)، "المجموع" (٤/ ١٦٧)، "الفروع" (٢/ ٥٧٤).
(٢) "المجموع" (٤/ ١٦٧).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٢٤٢)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (٨/ ٣٤٧) من طريق عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، وإسناده ضعيف لانقطاعه؛ فإن عبد الرحمن بن سابط لم يدرك أبا أمامة.
وله شاهد من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه؛ وفيه: (لا صلاة حتى تكون الشمس قيد رمح أو رمحين .. )، أخرجه الطبراني في "الكبير" وإسناده ضعيف -أيضًا- لأن فيه من لا يعرفون، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٤/ ٢٤٣): (أبو سلمة لم يسمع من أبيه، وبقية رجاله حديثهم حسن)، وهذه الأحاديث مع ضعفها يستأنس بها؛ لأن وصف الارتفاع ثابت في الأحاديث الصحيحة كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>