للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذه الأوقات الثلاثة القصيرة، وخصَّ بعض العلماء النهي بالتعمد، فأما إذا وقع بلا تعمد فيجوز، والحديث مطلق يشمل المتعمد وغيره، فالحق عدم جواز الدفن مطلقاً، بل ينتظر قليلاً حتى يخرج وقت الكراهة (١).

وقد ورد في حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تصلوا بعد العصر، إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة» (٢)، وهو حديث حسن كما قال الحافظ (٣) إلا قوله: «إلا أن تصلوا … » ففي ثبوتها نظر، لمخالفتها الأحاديث الصحيحة التي تقدمت والتي بلغت حد التواتر، وفيها النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقاً. قال البيهقي: (وهذا حديث واحد، وما مضى في النهي عنها ممتد إلى غروب الشمس حديث عدد، فهو أولى أن يكون محفوظاً، وقد روي عن علي رضي الله عنه ما يخالف هذا، وروي ما يوافقه) (٤).

الوجه السابع: دلَّ حديثا أبي هريرة وأبي قتادة رضي الله عنهما على أن وقت الزوال وقت نهي، إلا يوم الجمعة، فيجوز فعل النوافل فيه مطلقاً.

وهذا قول الشافعي، ووجه في مذهب الحنابلة، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية (٥)، والشيخ عبد العزيز بن باز.

والقول الثاني: أن وقت الزوال وقت نهي في جميع الأيام، وهذا قول الإمام أحمد المشهور عنه، وهو مذهب الحنفية، وعزاه الحافظ ابن حجر إلى الجمهور، واستدلوا بعموم النهي، وأن وقت الزوال وقت نهي، فاستوى فيه الجهة وغيرها (٦).


(١) "أحكام الجنائز" للألباني ص (١٣٩).
(٢) أخرجه أبو داود (١٢٧٤) والنسائي (١/ ٢٨٠)، وأحمد (٢/ ٣٢٢) من طرق عن منصور، عن هلال بن يساف، عن وهب بن الأجدع، عن علي -رضي الله عنه-.
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٦١).
(٤) "السنن الكبرى" (٢/ ٤٥٩).
(٥) "الأم" (١/ ٢٢٦)، "الفروع" (١/ ٥٧٢)، "زاد المعاد" (١/ ٣٧٨).
(٦) "بدائع الصنائع" (١/ ٢٩٥ - ٢٩٦)، "المغني" (٢/ ٥٣٥)، "فتح الباري" (٢/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>