للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تدخل في أحاديث النهي، كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها» (١)، والذي يصلي لسبب لا يقال: إنه تحرى الصلاة، بخلاف التطوع المطلق الذي لا سبب له.

القول الثاني: أنه لا يجوز فعل ذوات الأسباب من النوافل في أوقات النهي مطلقاً، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، وأحمد في المشهور عنه (٢)، واستدلوا بعموم أحاديث النهي عن الصلاة في هذه الأوقات؛ لأن أحاديث النهي أقوى، فإنها قد بلغت حدّ التواتر، كما جزم بذلك الطحاوي، وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما (٣).

والقول الأول أظهر؛ لقوة دليله، يضاف إلى ذلك أن ذوات الأسباب تفوت بفوات أسبابها إذا أخرت عن وقت النهي، ويحرم المصلي ثوابها، بخلاف النوافل المطلقة فإنه إذا منع منها المكلف وقت النهي ففي غيره من الأوقات متسع لفعلها.

وأما قول أصحاب القول الثاني: إن أحاديث النهي أقوى فهو مسلَّم، لكن دخلها التخصيص، فضعف بذلك الأخذ بعمومها - كما تقدم - والأحاديث العامة التي فيها الندب لفعل بعض النوافل لم يخصصها شيء، فتقدم.

على أن الأحوط ترك الصلاة في أوقات النهي القصيرة، وهي وقت طلوع الشمس وغروبها ووقوفها، وبخاصة الوقتين الأولين، لما تقدم من أنهما وقت سجود الكفار للشمس، وقد ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ما يدل على ذلك، كما سيأتي بعد هذا الحديث - إن شاء الله تعالى ـ.

الوجه السادس: حديث عقبة بن عامر دليل على النهي عن دفن الميت


(١) أخرجه البخاري (٥٨٥) ومسلم (٨٢٨).
(٢) "المغني" (٢/ ٥٣٣)، "الإنصاف" (٢/ ٢٠٨)، "شرح فتح القدير" (١/ ٢٣١، ٢٣٦)، "الكافي" لابن عبد البر (١/ ١٩٥).
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٠٤، ٣٦٤)، (٢/ ١٨٦)، "الفتاوى" (٢٣/ ٢١٨).
"نظم المتناثر من الحديث المتواتر" ص (٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>