للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد اختلفوا في جواز الصلوات ذوات الأسباب، كتحية المسجد، وركعتي الوضوء، وصلاة الكسوف، وإعادة الجماعة، وصلاة الجنازة، وقضاء الوتر لمن نسيه أو فاته، وصلاة الاستخارة ونحو ذلك، على قولين:

الأول: جواز فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي عند وجود أسبابها، وهذا قول الشافعي (١)، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها بعض الحنابلة، كأبي الخطاب، وابن عقيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية (٢)، وتلميذه ابن القيم (٣) واستدلوا بما يلي:

١ - أن حديث «لا صلاة بعد الصبح .. » وما في معناه؛ من العام غير المحفوظ؛ لأنه قد دخله التخصيص بأحاديث أخرى، مثل قضاء الفائتة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك» (٤)، وبمثل إعادة الجماعة فيمن دخل مسجداً فوجد الناس يصلون وهو قد صلى، فإنه يصلي معهم، ولو كان الوقت نهياً، لحديث يزيد بن الأسود في قصة الرجلين؛ وفيه: « … فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة» وسيأتي إن شاء الله، وبمثل ركعتي الطواف، كما سيأتي - أيضاً - إن شاء الله، وكذا قضاء راتبة الفجر بعدها - على القول بصحة الحديث (٥) ـ وغير ذلك مما دلت عليه السنة.

ومثل حديث تحية المسجد فإنه عام في جميع الأوقات، محفوظ لم يدخله التخصيص، وسيأتي الكلام عليه في آخر باب «المساجد» - إن شاء الله - والقاعدة أن العام الذي لم يدخله التخصيص مقدم على العام الذي دخله التخصيص.

٢ - أن ذوات الأسباب كتحية المسجد - مثلاً - مقرونة بسبب، فلا


(١) "المجموع" (٤/ ١٧٠).
(٢) "الفتاوى" (٢٣/ ٩١ ١)، "الإنصاف" (٢/ ٢٠٨).
(٣) "إعلام الموقعين" (٢/ ٣٤٢).
(٤) أخرجه البخاري (٥٩٧)، ومسلم (٦٨٤).
(٥) انظر: "أوقات النهي الخمسة" للجبرين ص (٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>