للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما تصحيح ابن خزيمة وقفه؛ فلم أقف عليه في صحيح ابن خزيمة، وليس فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وإنما فيه حديث عبد الله بن عمرو، ولذا نقل كلامه الحافظ في «التلخيص» عن حديث عبد الله بن عمرو، وذكر أن البيهقي صحح وقف حديث ابن عمر الذي معنا، ولم يذكر أن ابن خزيمة صحح وقفه، فالله أعلم.

قال البيهقي: (إنه لا يصح فيه شي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم) (١).

الوجه الثاني: الحديث دليل على تفسير الشفق بالحمرة التي تكون في الأفق الغربي إثر شعاع الشمس بعد مغيبها، والشفق هو نهاية وقت المغرب، وبداية وقت العشاء، كما تقدم في حديث ابن عمرو رضي الله عنهما أول «المواقيت»: (ووقت المغرب ما لم يغب الشفق)، وهذا التفسير صح موقوفاً على ابن عمر رضي الله عنهما، ولا مانع من الاستدلال به لأمرين:

الأول: أن البحث في معنى الشفق بحث لغوي، والمرجع فيه إلى أهل اللغة، فإن المعروف عند العرب أن الشفق الحمرة، وهو مشهور في كلامهم، ويدل عليه نقل أئمة اللغة، كالخليل، والفراء والزجَّاج، وابن دريد، وغيرهم.

قال الفراء عند قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} [الانشقاق: ١٦] بعد أن بين أن الشفق هو الحمرة، قال: (وسمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب مصبوغ، كأنه الشفق، وكان أحمر، قال: فهذا شاهد لمن قال: إنه الحمرة) (٢).

الأمر الثاني: أن ابن عمر رضي الله عنهما من أهل اللغة، فكلامه حجة، وإن كان موقوفاً عليه، وقد نقل ابن كثير وغيره من المفسرين هذا المعنى عن جماعة من الصحابة والتابعين (٣)، وذكر النووي أنه قول الجمهور (٤).

والقول الثاني: أن الشفق هو البياض الذي بعد الحمرة، وهو قول


(١) "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٢٠٥).
(٢) "معاني القرآن" (٣/ ٢٥١).
(٣) "تفسير ابن كثير" (٨/ ٣٨٠).
(٤) "تهذيب الأسماء واللغات" (٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>