للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعزو الحديث للترمذي فيه نظر، فإني لم أجده في مظانه، وقد عزاه الحافظ وغيره إلى الحاكم والدارقطني والبيهقي وغيرهم دون الترمذي (١)، فإما أن يكون عزوه إلى الترمذي سهو من الحافظ، أو سبق قلم من الناسخ، أو في نسخة أخرى للترمذي، فالله أعلم.

والحديث أصله في «الصحيحين» من عدة طرق عن شعبة، وعن الوليد بن العيزار، أنه سمع أبا عمرو الشيباني قال: حدثني صاحب هذه الدار، وأشار إلى دار عبد الله، قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيُّ الأعمال أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قلت: ثم أيُّ؟ قال: «ثم بر الوالدين»، قلت: ثم أي؟ قال: «ثم الجهاد في سبيل الله»، قال: حدثني بهنَّ، ولو استزدته لزادني (٢).

وإنما ذكر الحافظ لفظ الحاكم؛ لأنه أدل على المراد من لفظ «الصحيحين»، كما سيتضح إن شاء الله تعالى.

الوجه الثاني: الحديث دليل على فضيلة الصلاة في وقتها المطلوب فعلها فيه، فلا تقدم عليه ولا تؤخر عنه، وإذا كانت في أول وقتها فهو أفضل، من باب المبادرة والمسارعة إلى ما شرع الله تعالى، قال الشافعي رحمه الله: (إن تقديم الصلاة في أول وقتها أولى بالفضل، لما يعرض للآدميين من الأشغال والنسيان والعلل) (٣)، فإن صليت في أثنائه أو في اخره فلا حرج.

ولفظ (في أول وقتها) تفرد به علي بن حفص من بين أصحاب شعبة، وتفرده بها لا يقبل، وفيه ما تقدم، لكن من يأخذ بها يجيب عن ذلك من حيث الرواية ومن حيث الدراية.

أما من حيث الرواية فإنه يقول: إن تفرده لا يضر، لأنه شيخ صدوق من رجال مسلم، وقد صححها الحاكم.

ومن حيث الدراية فإن لفظ (على وقتها) - وهو لفظ الجماعة - يفيد معنى


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٠٨)، لابن رجب، "شرح العمدة" لابن الملقن (٢/ ٢١٧)، "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٠).
(٢) "صحيح البخاري" (٥٢٧)، "صحيح مسلم" (٨٥) (١٣٩).
(٣) "الرسالة" ص (٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>