للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طلوع الفجر، واعتبر النووي القول بالجواز هو الصحيح في مذهب الشافعية، وهو رواية عن الإمام أحمد (١)، لكن إن ثبتت أحاديث الباب فالسنة مقدمة على قول كل من كان.

قال المؤيد لمذهب الجمهور: أما حديث أبي داود فليس بصريح في عدم الكراهة، إذ يمكن أن يحمل قوله: «فصلِّ ما شئت» أي: في جوف الليل؛ لأن السائل سأله عن أيِّ الليل أسمع؟ ثم إن الحديث أخرجه مسلم في «صحيحه» وليس فيه هذه الجملة: «فصل ما شئت حتى تصلي الصبح»، فتقدم رواية مسلم على رواية أصحاب السنن، وقد جاء الحديث عند أحمد وغيره بلفظ: «الصلاة مشهودة حتى ينفجر الفجر، فإذا انفجر الفجر فأمسك عن الصلاة إلا ركعتين، حتى تصلي الفجر»، فحمل الروايات المختلفة على رواية مسلم أولى، على أن أبا داود قال بعد سياقه الحديث، قال العباس: (هكذا حدثني أبو سلام عن أبي أمامة إلا أن أُخطئ شيئاً لا أريده، فأستغفر الله وأتوب إليه) (٢).

ثم إن كون النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي بعد طلوع الفجر سجدتين خفيفتين يدل على أنه صلّى الله عليه وسلّم ما كان يصلي زيادة على ذلك.

وقد صحَّ عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، يكثر فيها الركوع والسجود فنهاه، فقال: يا أبا محمد! أيعذبني الله على الصلاة؟! قال: لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة (٣).

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن النهي في حديث الباب ليس للتحريم، فتجوز الصلاة بعد طلوع الفجر إذا لم يتخذ ذلك سنة، لعموم حديث: «بين كل أذانين صلاة … »، فتجوز صلاة الوتر في هذا الوقت، قال النووي عند حديث (كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين) (قد يستدل به


(١) انظر: "الأوسط" (٥/ ١٩٠)، "شرح النووي على صحيح مسلم" (٥/ ٢٤٧ - ٢٤٨)، "المغني" (٢/ ٥٢٥).
(٢) "إعلام أهل العصر" ص (١٠٠).
(٣) أخرجه البيهقي (٢/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>