للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يحتمل أن ذلك لكونه قبل الإقامة، فإن الإقامة يطلق عليها أذان، كما في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «بين كل أذانين صلاة» (١)، وكما في قول السائب بن يزيد رضي الله عنه: (إن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كثر أهل المدينة … الحديث) (٢)، وليس في الجمعة سوى أذانين وإقامة.

ويؤيد ذلك ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يتبين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة) (٣).

قال الحافظ ابن حجر: (والمراد بالأولى: الأذان الذي يؤذن به عند دخول الوقت، وهو أول باعتبار الإقامة، وثاني باعتبار الأذان الذي قبل الفجر، وجاء التأنيث إما من قبل مؤاخاته للإقامة، أو لأنه أراد المنادة، أو الدعوة التامة، ويحتمل أن يكون صفة لمحذوف، والتقدير: إذا سكت عن المرة الأولى أو في المرة الأولى) (٤).

وعنها - أيضاً - رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينام أول الليل ويحيي اخره، وفيه: فإذا كان عند النداء الأول قالت: وثب فأفاض عليه الماء، وإن لم يكن جنباً توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين .. ) (٥)، فأطلقت النداء الأول على أذان الصبح الذي بعد طلوع الفجر لقولها: (ثم صلّى الركعتين) وهما سنة الفجر.

الأمر الثاني: أنه لم ينقل أن أبا محذورة كان يؤذن للفجر مرة قبل طلوعه ومرة بعده (٦)، وإنما كان هذا في المدينة.

ثم إن الأذان الثاني هو المناسب لهذه الجملة، وذلك ببيان أن الصلاة التي فرض الله تعالى على عباده خير لهم من نومهم في هذا الوقت، فالواجب القيام من النوم والمسارعة إليها، والله أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٦٢٤)، ومسلم (٨٣٨).
(٢) أخرجه البخاري (٩١٢).
(٣) أخرجه البخاري (٦٢٦).
(٤) "فتح الباري" (٢/ ١٠٩).
(٥) أخرجه مسلم (٧٣٩).
(٦) انظر: "فتاوى ابن عثيمين" (١٢/ ١٧٦ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>