للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعض النسخ، قال القاضي عياض: (كذا في أكثر الأصول، وروايات جماعة شيوخنا، ووقع في بعض طرق الفارسي (١) التكبير أربع مرات) (٢)، وكذا نسب ابن الأثير رواية الترجيع إلى مسلم، ونسبه - أيضاً - المجد ابن تيمية (٣).

الوجه الثاني: الحديث دليل على صفة أذان أبي محذورة وفيه صفتان:

الأولى: أن التكبير في أوله مرتان فقط، على ما في رواية مسلم، وأربع على ما في رواية أحمد وأصحاب السنن، ويؤيد رواية أصحاب السنن بالتربيع ما تقدم في حديث عبد الله بن زيد.

الثانية: الترجيع وتقدم أن معناه: أن يقول الشهادتين بصوت منخفض يُسْمِعُ من كان بقربه، ثم يقولهما بصوت مرتفع كسائر جمل الأذان.

سمي ترجيعاً لأنه يرجع إلى لفظ الشهادة بعد مجيئه بها، ولعل السر في ذلك تثبيت التوحيد في قلوب الناس وحثهم على التدبر والتأمل في هاتين الكلمتين العظيمتين، وقيل: إن الترجيع قصد به تلقين أبي محذورة؛ لأنه كان حديث عهد بإسلام، فأمر بالتكرار لتستقر الشهادتان في قلبه، ولكن ليس هذا بظاهر، والأول أوضح.

وعلى هذا الحديث تكون جمل الأذان تسْعَ عَشْرَةَ بالتربيع في أوله والترجيع في الشهادتين، وبدون الترجيع خَمْسَ عَشْرَةَ جملة.

فالجمهور على تربيع التكبير في أول الأذان (٤)، لما تقدم من أن الزيادة من الثقة مقبولة، ولأن التربيع عملُ أهلِ مكةَ، وهي مَجْمَعُ المسلمين في المواسم وغيرها، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة وغيرهم.


(١) هو عبد الغافر بن محمد الفارسي الفسوي ثم النيسابوري، سمع صحيح مسلم من محمد بن عيسى الجلودي قراءة عليه، وهي النسخة المعتمدة المشهورة، كما ذكر ابن الصلاح، مات سنة ثمان وأربعين وأربعمائة "صيانة صحيح مسلم" ص (١٠٦).
(٢) "إكمال المعلم" (٢/ ٢٤٤).
(٣) "جامع الأصول" (٥/ ٢٨٥)، "المنتقى" (٢/ ٤٩).
(٤) "بدائع الصنائع" (١/ ١٤٧)، "المجموع" (٣/ ٩٠)، "المغني" (٢/ ٥٦ - ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>