للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال مالك وأبو يوسف من الحنفية بتثنية التكبير، استدلالاً بحديث أبي محذورة عند مسلم، وبأنه عمل أهل المدينة، وهم أعرف بالسنن (١).

وأما الترجيع فالجمهور على إثباته أخذاً بحديث أبي محذورة، وحديثه سنة ثمان من الهجرة بعد حنين، وحديث عبد الله بن زيد في أول الأمر بعد الهجرة، كما تقدم، وقال جماعة من أهل العلم: لا يشرع الترجيع، عملاً بحديث عبد الله بن زيد، وقد أذن بلال بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلّم بدون ترجيع (٢).

وما دام أن السنة وردت بهذا وهذا فلا حرج في فعل ما ورد من التربيع والتثنية والترجيع، لدخول ذلك تحت اختلاف التنوع، وهو قول المحققين من أهل العلم، قال ابن عبد البر: (ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير إلى أن ذلك من الاختلاف المباح، فإن رَبَّعَ التكبير الأول في الأذان، أو ثناه، أو رجَّع في التشهد أو لم يرجع، أو ثَنَّى الإقامة أو أفردها كلها، أو إلا «قد قامت الصلاة» فالجميع جائز) (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم، وهو تسويغ كلِّ ما ثبت في ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يكرهون شيئاً من ذلك، إذ تَنَوُّعُ صفة الأذان والإقامة، كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك، وليس لأحد أن يكره ما سَنَّهُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأمته) (٤).

ومع ذلك فالأفضل الاقتصار على صفة واحدة، وهي خَمْسَ عَشْرَةَ جملة، وهو أذان بلال، وهو الأذان المعمول به الان، وهو الذي كان يسمعه النبي صلّى الله عليه وسلّم من بلال حضراً وسفراً، لكن لو أذن على الصفة الأخرى فلا بأس إذا لم يحصل تشويش على الناس، أو يخشى فتنة، والله تعالى أعلم.


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ١٤٧)، "بداية المجتهد" (١/ ٢٥٨).
(٢) انظر: "أحكام الأذان والنداء والإقامة" ص (٧٠).
(٣) "التمهيد" (٢٤/ ٢٢).
(٤) "الفتاوى" (٢٢/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>