للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (أُمِرَ بلال .. ) بضم الهمزة وكسر الميم، أي: أمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بدليل رواية النسائي، ولهذا الغرض - والله أعلم - ذكرها الحافظ، لبيان هذا المعنى وتأكيده، والصيغة الأولى تفيد ذلك على القول المختار عند الأصوليين والمحدثين، وأما من جعله من قبيل الموقوف لاحتمال أن يكون الامر غير النبي صلّى الله عليه وسلّم فليس بشيء، بل الصواب الأول؛ لأن مثل ذلك اللفظ ينصرف إلى صاحب الأمر والنهي وهو الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فهذا هو المتبادر إلى الفهم، فكان الحمل عليه أولى، والأمر: طلب الفعل ممن دون الطالب.

وبلال هو: ابن رباح الحبشي، أسلم بمكة قديماً، وأظهر إسلامه، فعذِّب على ذلك، حتى كان أمية بن خلف إذا حميت الظهيرة طرحه في بطحاء مكة على ظهره، وألقى على صدره صخرة عظيمة، ليرجع عن الإسلام، ويعبد اللات والعزى، وهو يقول: أحد، أحد، حتى مَرَّ به أبو بكر رضي الله عنه وهم يعذبونه، فاشتراه، وأعتقه، هاجر بلال إلى المدينة، وشهد بدراً وما بعدها، وتولى الأذان في المدينة في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالتناوب مع ابن أم مكتوم، إلا في رمضان، فيؤذنان جميعاً - كما سيأتي إن شاء الله - شهد له النبي صلّى الله عليه وسلّم بالجنة على التعيين، في حديث وارد في «الصحيحين» (١)، وترك الأذان بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وخرج إلى الشام مجاهداً، وتوفي هناك سنة عشرين من الهجرة رضي الله عنه (٢).

قوله: (أن يشفع الأذان) أي: يجعله شَفْعاً بأن يكرر الجمل تكراراً زوجياً، والمراد بالأذان: أكثر الأذان؛ لان اخره جملة (لا إله إلا الله) مرة، ليختم بالتوحيد على وتر.

قوله: (ويوتر الإقامة) أي: يجعلها وتراً بأن لا يكرر جملها، بل تكون فردية، والمراد: أكثرها ما عدا التكبير.


(١) "صحيح البخاري" (١١٤٩)، ومسلم (٢٤٥٨).
(٢) "الاستيعاب" (٢/ ٢٦)، "السير" (١/ ٣٤٧)، "الإصابة" (١/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>