للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بتمامه - إن شاء الله - فإن ظاهره أن المؤذن يجمع بين كل تكبيرتين (١).

وهذا غير وجيه لأمور:

١ - أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أراد جنس التكبير، ولهذا لم يذكر إلا تكبيرتين، ولم يذكر شهادة أن لا إله إلا الله إلا مرة واحدة، وكذا شهادة أن محمداً رسول الله.

٢ - أن هذا الحديث في إجابة المؤذن، لا في أداء الأذان، ولم يترجم عليه أحد بهذا المفهوم، ولم يقرر ذلك أحد من الشراح.

٣ - أنه لا يُدرى هل جمع النبي صلّى الله عليه وسلّم بين التكبيرتين في نَفَسٍ واحد، أو فرق بينهما.

وعليه فالأظهر أن السنة في الأذان أن يقف المؤذن على كل تكبيرة، ويؤديها بنفس واحد، لما يلي:

١ - ما تقدم من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما علّم أبا محذورة الأذان قال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر .. ولم يقل تقرن بين كل تكبيرتين، والمقام مقام بيان وتعليم.

٢ - أن من سنن الأذان الترسل، وهو التمهل والتأني في أداء ألفاظه، لأن ذلك أبلغ في الاستماع، ليعم الصوت، ويطول أَمَدُ التأذين، وهذا يناسبه سكوت المؤذن على كل جملة.

٣ - أن هذا عمل السلف الصالح فإنه لم ينقل خلافه، ولو نقل لاشتهر.

وقد أنكر وَصْلَ الأذان بعضُ علماء المالكية، وهو محمد بن أحمد الراعي الأندلسي، المتوفى سنة ٨٥٣ هـ (٢) واعتبر ذلك مخالفاً للسنة وما درج عليه السلف الصالح، وهذا يدل على أن وصل التكبير كان معروفاً منذ القرن التاسع، والله أعلم.


(١) انظر: "تحفة الأحوذي" (١/ ٥٨٨).
(٢) انظر: "انتصار الفقير السالك" للراعي الأندلسي ص (٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>