وأخرجه أبو داود (٥٢٠) في كتاب «الصلاة»، «باب في المؤذن يستدير في أذانه» من طريق قيس بن الربيع وسفيان جميعاً، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال:(أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة وهو في قبة حمراء من أدم، فخرج بلال، فأذن، فكنت أتتبع فمه ها هنا وها هنا، قال: ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعليه حلة حمراء، برود يمانية قِطْري، وقال موسى - وهو ابن إسماعيل شيخ أبي داود قال: أي: أبو جحيفة ـ: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فأذن، فلما بلغ (حي على الصلاة، حي على الفلاح) لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنزة) وساق حديثه.
وإسناده صحيح، صححه الألباني (١).
والحديث أصله في البخاري (٦٣٤) ومسلم (٥٠٣) من طريق سفيان، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه (أنه رأى بلالاً يؤذن فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا بالأذان). هذا لفظ البخاري وهو مختصر، ولفظ مسلم أتم منه، ولفظه:(فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا ويقول يميناً وشمالاً، يقول: حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح .. الحديث)، وليس فيه ذكر الدوران ولا وضع الإصبع في الأذنين كما تقدم.
الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:
قوله:(رأيت بلالاً يؤذن) كان ذلك في حجة الوداع، والنبي صلّى الله عليه وسلّم نازل في الأبطح بمكة، كما في الروايات الأخرى.
قوله:(وأتتبع فاه ها هنا وها هنا) أي: أتابع ببصري فمه يميناً وشمالاً؛ لأنه كان يتتبع بفيه الناحيتين، وقد بينت رواية أبي داود أن المراد بقوله:(ها هنا وها هنا) اليمين والشمال، كما بينت موضع الالتفات وهو (حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح)، ولعل الحافظ أوردها لهذين الأمرين، ولأمر ثالث وهو أن رواية أبي داود بينت أن الالتفات يكون بالرأس فقط، لقوله (لوى عنقه)، وعند مسلم من رواية وكيع:(يقول: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح) وهي أوضح.