للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وإصبعاه في أذنيه) مثنى إصبع - بكسر الهمزة وفتح الباء - وهي اللغة التي ارتضاها الفصحاء من عشر لغات (١)، والمراد هنا: الأَنْمُلَةُ - بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الميم أو ضمها - وهي المفصل الذي فيه الظفر، من باب المجاز المرسل، وعلاقته الكلية أي: إطلاق الكل وإرادة الجزء، ولم يرد تعيين الأصبع التي توضع في الأذن، وجزم النووي بأنها المسبِّحة.

قوله: (ولم يستدر) يقال: دار الشيء يدور دوراً ودوراناً: تحول وعاد على ما كان عليه، فالمراد بها: لم يدر بجملة بدنه. فالاستدارة تختلف عن الالتفات.

الوجه الرابع: الحديث دليل على مشروعية الالتفات في الحيعلتين يميناً وشمالاً ولم يبين في هذه الرواية ولا في غيرها كيفية الالتفات، وظاهر السياق عند مسلم من رواية وكيع عن سفيان: (فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا، يقول يميناً وشمالاً: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح .. )، ظاهر هذا أنه يلتفت يميناً لحيَّ على الصلاة في المرتين جميعاً، وشمالاً لحيَّ على الفلاح في المرتين جميعاً، قال النووي: (إنه قول الجمهور، وهو الأصح عند الشافعية)، وقال ابن دقيق العيد: (إنه الأقرب عندي) (٢).

وظاهر الحديث أنه يلتفت في كل الجملة لا في بعضها، وأما ما يفعله بعض المؤذنين من أنه يقول: (حيَّ على) ثم يلتفت، فهذا خلاف السنة.

وللالتفات فائدتان:

الأولى: أنه أرفع للصوت وأبلغ في الإعلام، لا سيما في الحيعلتين؛ لأنهما خطاب ونداء، وغيرهما من الألفاظ ذِكْرٌ.

الثانية: أنه علامة للمؤذن، ليعرف من يراه على بُعْدٍ أو من كان به صمم أنه يؤذن، وهذا إذا كان يؤذن في المنارة أو على الأرض، أما إذا كان يؤذن


(١) "المصباح المنير" ص (٣٣٢).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٤/ ٤٦٧)، "شرح العمدة" (٢/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>