للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في مكبر الصوت - كما هو الآن - فهل تبقى سنية الالتفات؟ هذا مبني على حكم الالتفات هل هو سنة مطلقاً ولو كان منفرداً، أو أنه لعلة إسماع مَنْ على اليمين والشمال؟ فعلى أنه معلَّل بالإسماع فالظاهر أنه لا يلتفت؛ لأن ذلك يضعف صوته، فتفوت حكمة الالتفات وهي رفع الصوت وتوزيعه، وعليه فيكون وجهه مقابل مكبر الصوت، وصوته يتوزع في جميع الجهات بواسطة المكبرات الموزعة على الجهات في أعلى المنارة، وعلى أن الالتفات سنة مطلقاً نقول: إنه يلتفت؛ لأن الالتفات قد يكون لمقاصد أخرى، ثم إن العلة التي ذُكرت مستنبطة (١)، ويمكن أن المؤذن يلتفت ويبقى صوته على قوته.

الوجه الخامس: الحديث دليل على مشروعية وضع الإصبعين في الأذنين لقوله: (وإصبعاه في أذنيه) لأنه أجمع للصوت، ولأنه علامة على المؤذن - كما تقدم ـ.

وقد علقه البخاري بغير صيغة الجزم فقال: (ويذكر عن بلال أنه جعل إصبعيه في أذنيه) (٢)، وحكى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه لا يجعل إصبعيه في أذنيه، ووصله ابن أبي شيبة (٣)، وظاهر صنيع البخاري أنه غير مستحب؛ لأنه حكى تركه عن ابن عمر رضي الله عنهما (٤).

لكن أكثر العلماء على استحبابه، قال الترمذي: (وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان، وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة - أيضاً - يدخل إصبعيه في أذنيه، وهو قول الأوزاعي) (٥).

لكن قول الأوزاعي في الإقامة ليس عليه دليل من السنة، وقياسه على الأذان قياس مع الفارق؛ لما تقدم من أن الأذان للبعيدين، والإقامة للحاضرين (٦).


(١) انظر: "أحكام الأذان والنداء والإقامة" ص (٢٣٨).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ١١٤).
(٣) "المصنف" (١/ ٢١٠).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن رجب (٥/ ٣٨١).
(٥) "جامع الترمذي" (١/ ٣٧٧).
(٦) انظر: "تحفة الأحوذي" (١/ ٥٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>