للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وكان رجلاً أعمى) ذكر الحافظ أنه عمي بعد بدر بسنتين (١)، وسبقه إلى ذلك ابن الملقن (٢)، قال الشيخ عبد العزيز بن باز في تعليقه على «الفتح»: (هذا فيه نظر؛ لأن ظاهر القران يدل على أنه عمي قبل الهجرة؛ لأن سورة (عبس) النازلة فيه مكية، وقد وصفه الله فيها بأنه أعمى، فتنبه). اهـ.

قوله: (أصبحت أصبحت) أي: دخلت في وقت الصباح، والمعنى: أن أذانه يكون مقارناً لابتداء طلوع الصبح، ويدل على ذلك رواية البخاري: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» (٣).

الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز الأذان قبل الفجر إذا كان ثَمَّ أذان بعده، وذلك ليستيقظ النائم، ويرجع القائم استعداداً للسَّحُور، فإن لم يوجد بعده أذان اخر فلا يصح على الراجح؛ لأنه يوقع الناس في اللبس، وقد حدَّه بعض الفقهاء كالحنابلة من بعد نصف الليل، ولكن رواية البخاري لهذا الحديث تفيد أن الوقت بين الأذانين قليل جداً، فقد ذكر البخاري في كتاب «الصيام» أن القاسم قال: (لم يكن بينهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا) (٤)، وقد ثبت عند النسائي والطحاوي وابن خزيمة من رواية القاسم عن عائشة أنها قالت ذلك، فيكون معنى قول البخاري: (قال القاسم .. ) أي: في روايته عن عائشة رضي الله عنها لأن القاسم تابعي ولم يدرك ذلك (٥).

وعلى هذا فالأفضل في الأذان قبل الفجر أن يكون وقت السحر قبيل طلوع الفجر، لدلالة الحديث على ذلك، ورجحه ابن الملقن، هذا من جهة الرواية، ومن جهة المعنى: أن الأذان قبيل الفجر فيه مصلحة إيقاظ النائم وتأهبه لإدراك فضيلة أول الوقت، وقد أشار النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى هذا المعنى في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن - أو قال: ينادي بليل ـ، ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم» (٦)، فإذا كان قبيل


(١) "فتح الباري" (٢/ ١٠٠).
(٢) "شرح العمدة" (٢/ ٤٥٥).
(٣) انظر: "فتح الباري" (٤/ ١٣٦).
(٤) انظر: المصدر السابق (٤/ ١٣٦).
(٥) انظر: المصدر السابق (٢/ ١٠٥).
(٦) تقدم تخريجه عند الحديث (١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>