وأما أثر علي رضي الله عنه: فقد أخرجه البيهقي (٢/ ١٩) من طريق محمد بن غالب، أنبأ أبو عمرو الحوضي، وعمرو بن مرزوق، ومسلم بن إبراهيم قالوا: أنبأنا شعبة، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه قال:(المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة) فهو بلفظ المرفوع تماماً، وليس كما قال الحافظ، إلا إن كان يقصد الزيادة التي في اخره، وهي قوله:(اللهم أرشد الأئمة … ).
وهذا الأثر إسناده قوي، ورجاله ثقات، ومحمد بن غالب الملقب بـ (تمتام) وثقه الدارقطني، وقال:(وهم في بعض الأحاديث)، قال الذهبي:(حافظ مكثر عن أصحاب شعبة)(١).
الوجه الثاني: في شرح ألفاظه
قوله:(المؤذن أملك بالأذان) أي: إن أمره موكول إليه، فكأنه مالك له، لأنه أمين على الوقت.
قوله:(والإمام أملك بالإقامة) أي: إن أمرها موكول إليه، فكأنه مالك لها؛ لأن الصلاة لا تقام إلا بأمره.
قوله:(اللهم أرشد الأئمة) أي: وفقهم للعمل بما تكفلوا به والخروج من عهدته.
قوله:(واغفر للمؤذنين) أي: تجاوز عما عساه يقع منهم من التقصير في الأمانة التي تحملوها بسبب تقدم أو تأخر، ونحو ذلك.
قوله:(الإمام ضامن .. )، الضامن بمعنى: الحافظ والراعي، والضمان بمعنى: الحفظ والرعاية، فالإمام يحفظ الصلاة وعدد الركعات على القوم، والمؤذن مؤتمن: أي: أمين الناس على صلاتهم وصيامهم.
الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المؤذن أملك بالأذان، بمعنى: أن ابتداء الأذان موكول إليه؛ لأنه أمين على الوقت، فمراقبته منوطة به.