للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والإمام أملك بالإقامة، بمعنى: أنه أحق بها، فلا يقيم المؤذن إلا بإشارته، فالأمر موكول إليه، فهو الذي يتحرى وقت الإقامة، وينظر في حال الجماعة، فيقدم إن رأى التقديم، ويؤخر إن رأى التأخير، مراعاةً للمصلحة الشرعية في ذلك.

والعمدة في ذلك فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإنه هو الذي كان يأمر بالإقامة ويأذن فيها، وبلال وغيره هو المسؤول عن الأذان.

وقد روى جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (كان بلال يؤذن إذا دحضت - يعني الشمس - فلا يقيم حتى يخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه) (١).

وفي حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر، قام فركع ركعتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة (٢).

وقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» (٣)، وظاهر هذا أن الصلاة كانت تقام قبل أن يخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم، والحق أنه لا معارضة بينهما، ووجه الجمع أن بلالاً يراقب وقت خروج النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإذا راه شرع في الإقامة قبل أن يراه غالب الناس، ثم إذا رأوه قاموا إلى الصلاة، والله أعلم.

وقد اختلف العلماء في وقت قيام الناس إلى الصلاة، وأحسن ما قيل في ذلك ما ورد عن الإمام مالك أنه قال: (وأما قيام الناس حين تقام الصلاة فإني لم أسمع في ذلك بحدٍّ يقام له، إلا أني أرى ذلك على قدر طاقة الناس، فإن منهم الثقيل والخفيف، ولا يستطيعون أن يكونوا كرجل واحد) (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه مسلم (٦٠٦).
(٢) تقدم تخريجه أول "الأذان".
(٣) تقدم تخريجه عند الحديث (١٩٧).
(٤) "الموطأ" (١/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>