للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمراد هنا: الشفاعة العظمى في فصل القضاء، حيث يحمده فيه الأولون والآخرون.

وقد وقع عند ابن خزيمة (٤٢٠) وغيره بهذا الإسناد: «وابعثه المقام المحمود .. » معرفاً بأل، وذكر ابن القيم أن التنكير هو الصحيح لوجوه خمسة:

١ - موافقته للفظ القران.

٢ - اتفاق أكثر الرواة عليه.

٣ - أن فيه معنى التعظيم.

٤ - أن دخول اللام يعيِّنه ويخصه بمقام معين.

٥ - أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يحافظ على ألفاظ القران تقديماً وتأخيراً، وتعريفاً وتنكيراً، كما يحافظ على معانيه (١).

قوله: (حلت له شفاعتي) أي: وجبت له وحصلت واستحق الشفاعة، فهي ثابتة لا بد منها بهذا الوعد الصادق، أو بمعنى: نزلت ووقعت، فتكون اللام بمعنى (على) يقال: حَلَّ يَحِلُّ ويَحُلُّ بالكسر والضم: إذا نزل، وحَلَّ يَحِلُّ: خلاف حرم، ويؤيده رواية مسلم (حلت عليه) ووقع عند الطحاوي من حديث ابن مسعود «وجبت له» (٢)، والشفاعة: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة.

والمراد بالشفاعة: إما الشفاعة العظمى، أو غيرها من الشفاعات الأخرى، كالشفاعة بإدخال الجنة بغير حساب.

الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل هذا الدعاء بعد الأذان؛ لأنه دعاء عظيم جالب للخير الكثير واستحقاق الشفاعة، ووجه تخصيص النبي صلّى الله عليه وسلّم به أنه صلّى الله عليه وسلّم أكمل الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وأرشدها إلى طريق العبادة، وأبواب السعادة، ومن ذلك الصلاة، فاستحق أن تخصه بالدعاء له بطلب الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود، وهذا دعاء من المفضول للفاضل، ليرتفع ذكره بكون أمته إلى يوم القيامة تدعو له بهذا الدعاء.


(١) "بدائع الفوائد" (٤/ ١٠٥).
(٢) "شرح معاني الآثار" (١/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>