للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحق أن حديث جابر الذي معنا تجتمع به الأدلة وهو أن القادر على ستر العاتقين أو أحدهما يجب عليه ذلك، والعاجز يقتصر على ستر العورة (١)، وأما حديث جابر فإما أن يكون قبل النهي، أو لعدم وجود ثوب ثانٍ، مع أن هذا الجواب فيه نظر (٢)، والله أعلم، وأما القياس فهو في مقابلة نص.

فإن قيل: إن المنكب ليس بعورة فكيف تقولون بستره؟

فالجواب: ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية من أن العورة في الصلاة ليست مرتبطة بعورة النظر، لا طرداً ولا عكساً، فهذا نوع وهذا نوع، فإن أَخْذَ الزينة في الصلاة إنما هو لحق الله تعالى، ولهذا لا يجوز أن يصلي عرياناً ولو كان وحده، وزينة الصلاة غير الزينة خارج الصلاة، فقد يستر المصلي ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة، فالمرأة تلبس الخمار على رأسها في الصلاة ولو كانت عند زوجها ومحارمها، ولا تختمر عندهم إذا كانت في غير الصلاة، وكذا المنكبين، فقد ثبت النهي عن ترك تغطيتهما في الصلاة، وذلك لحق الصلاة، مع أنه يجوز كشفهما للرجال خارج الصلاة (٣)، وعلى هذا فالأفضل للمسلم أن يأخذ بالأحوط، فيصلي في ثوبين، ويستر عاتقه أو بعضه متى كان قادراً على ذلك، لقوله: «ليس على عاتقيه منه شيء»، وهذا يقع على ما يعم المنكيبن وما لا يعمهما.

وبهذا يتبين تقصير بعض الناس عندما يصلي في الصيف بالفنيلة ذات الحبل اليسير الذي يكون على الكتف، فمثل هذا لا تصح صلاته عند من يشترط ستر العاتق، وقد ذكر الفقهاء أنه لو طرح على كتفه حبلاً أو خيطاً ونحوه أنه لا يجزئه، وهذا ظاهر كلام الخرقي، وهو قول القاضي؛ لأن مثل هذا لا يسمى لباساً، ولعله محمول على القدرة (٤).


(١) انظر: "نيل الأوطار" (٢/ ٨٠).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١/ ٤٦٧).
(٣) "الفتاوى" (٢٢/ ١١٣ - ١١٤).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن رجب (٢/ ٣٦٢ - ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>