للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإمام أحمد وابن المنذر وجماعة من السلف (١)، وهو ظاهر صنيع البخاري (٢)، وهو اختيار الشيخ عبد العزيز بن باز (٣).

واستدلوا بحديث أبي هريرة هذا، ففيه نهي عن الصلاة في الثوب الواحد ليس على العاتق منه شيء، والنهي يقتضي تحريم الفعل وفساد الصلاة.

وعن الإمام أحمد رواية أنه يجوز ترك ستر العاتق في النفل (٤)؛ لأن النفل مبناه على التخفيف، ولذا يسامح فيه بترك القيام والاستقبال في حال سيره، ولأن عادة الإنسان في بيته وخلواته قلة اللباس وتخفيفه، وغالب نفله يقع في بيته.

والقول الثاني: لا يجب ستر العاتقين في الصلاة، بل هو مستحب، والواجب ستر العورة، وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وعزاه النووي للجمهور (٥)، واستدلوا بالنص والقياس.

أما النص فهو ما رواه محمد بن المنكدر، قال: (رأيت جابر بن عبد الله يصلي في ثوب واحد، وقال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي في ثوب) (٦). وما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فسأله عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: «أَوَ كُلُّكم يجد ثوبين؟» (٧).

قالوا: فجمعاً بين الأخبار تكون صلاته في الثوب الواحد لبيان الجواز، ونهيه عن الصلاة في الثوب الذي ليس على العاتق منه شيء لبيان الكمال والتمام.

وأما القياس: فهو أن العاتقين ليسا بعورة، فأشبها بقية البدن.

والقول بوجوب ستر العاتق أو بعضه في الصلاة إن تيسر قول قوي، فإن النهي الوارد فيه نهي تحريم، ولا يجوز صرفه إلا بصارف، وأما حمله على أنه نهي أدب وتنزيه، فهو صرف له عن ظاهره.


(١) "فتح الباري" (١/ ٤٧٢)، "الإنصاف" (١٠/ ٤٥٤).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٤٧٢).
(٣) "الفتاوى" (١٠/ ٤١٥).
(٤) "الإنصاف" (١/ ٤٥٥).
(٥) "المجموع" (٣/ ١٧٥).
(٦) أخرجه البخاري (٣٥٣).
(٧) أخرجه البخاري (٣٦٥)، ومسلم (٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>